لقد انفرد الدين الإسلامي بإقرار مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يقصد به مشاركة جميع أفراد المجتمع حكاماً و محكومين في المحافظة على المصالح العامة و الخاصة و دفع المفاسد و الأضرار سواء أكانت مادية أو معنوية، بحيث يشعر كل فرد في هذا المجتمع بأن عليه واجبات تجاه الآخرين و خاصة الذين يعجزون عن تلبية حاجاتهم الخاصة. إن التكافل في الإسلام ليس مقصوراً على الجانب المادي وإنما يتجاوزه ليغطي الجانب المعنوي والأجمل في هذا المبدأ بأنه ليس معنياً بالمسلمين فقط لكنه يشمل كل الناس على اختلاف مللهم و اعتقاداتهم لقوله تعالى في كتابه العزيز: ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم) وذلك لأن أساس التكافل هو كرامة الإنسان لقوله تعالى: ( و لقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر و البحر ورزقناهم من الطيبات و فضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا)
ومن النظم الإسلامية التي تكفل تماسك المجتمع فريضة الزكاة. تعتبر فريضة الزكاة فكرة عظيمة في تاريخ المجتمع الإنساني،حيث أعطت الفقير حقه في أموال الأغنياء لا منة و لا إحسان و لكن لأن الله فرض ذلك؛ تطهيراً لنفوسهم و تزكية لأموالهم. أما في المجتمعات الغير إسلامية بقي الفقراء يعيشون تحت رحمة و إحسان الأغنياء. و لم يهتم أحد في العالم بضرورة إجبار الأغنياء على دفع شيء من أموالهم للفقراء في خطوة لحل المشكلات الاقتصادية و الاجتماعية التي يعيشها الفقراء إلا بعد حوالي ألف سنة من فرض الزكاة في الإسلام. ففي عام 1601م أصدرت بريطانيا " قانون الفقراء" و تم تعيين المستفيدين من الأموال وهم الرجال والنساء والأطفال الفقراء، العجزة، المسنون و المسجونين للأبد. لقد نجح نظام الزكاة في المجتمع الإسلامي في تحقيق هدفه الأساسي المتمثل في محو ظاهرة الفقر. يعد الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز(99_ 101هـ) مثالا يحتذى به في مجال الزكاة حيث يذكر أنه لم يجد محتاجاً يعطيه من أموال بيت مال المسلمين نتيجة لحسن الجمع و حسن التوزيع.