السؤال:
كيف أستطيع التعرف على الإنسان المناسب ليكون شريك حياتي؟
الجواب:
أولاً: أود أن أشكرك على سؤالك هذا الذي ينم عن وعي منك وحرص على مستقبلك ومستقبل أسرة مسلمة، ويتيح في نفس الوقت المجال لتبيان بعض الأمور الهامة المتعلقة باختيار شريك العمر؛ إذ إن اختيار الزوج المناسب هو أول خطوة من الخطوات الصحيحة لحياة زوجية سعيدة. عادة ما يتقدم للفتاة عدد من الشباب الخاطبين، تختار من بينهم مَن تعتقد بأنه الأنسب لها طالما أمكنها ذلك، وخير ما تختار هنا، هو ما أشار إليه رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ حين قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير". والحياة بتجاربها الواسعة التي نراها أمام أعيننا يومياً، أثبتت أهمية عامل الدين في اختيار الزوجة للزوج، والزوج للزوجة؛ إذ إن صاحب الدين والخلق يحافظ على زوجته ويحسن معاملتها ولا يظلمها، وهناك مَثَل شائع معروف في بعض البلدان يقول: (من يخشى الله لا يُخشى منه) أو بما معناه. فالدين ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه. وهو أمر تستقيم معه معظم الأمور الحياتية. والزوج الصالح لا يقتصر أثره على العلاقة بينه وبين زوجته، التي يتقي الله فيها، وإنما يتعدى ذلك إلى علاقة الزوجة بالله _عز وجل_، فهو لابد سيكون مُعِين لزوجته على طاعة الله والقيام بالأعمال الصالحة ويحرص على تنشئة أبنائه تنشئة صالحة. فتنشأ أسرة صالحة تقر عينك بها وأنت ترينها تكبر وتنمو في جو إسلامي نقي وتقي. ومن الأمور المهمة الأخرى التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند اختيار الزوج المناسب، توفر التكافؤ بين الطرفين والذي يتمثل بالتوافق والتقارب الاجتماعي والتقارب العلمي والثقافي والنفسي أيضاً. الانسجام الفكري مهم كذلك، ويمكن اكتشاف مدى توافق الزوجين الفكري خلال مناقشة بعض الأمور المتعلقة بحياتهما المستقبلية (الأمور المالية – إنجاب الأطفال – العلاقات الأسرية والاجتماعية – قضايا العمل وغيرها) كما أن هذه النقاشات تفسح المجال للتعرف على مدى تقبل كل منهما لآراء الآخر، خاصة مع وجود اختلاف في وجهات النظر. مع العلم أن هذه النقاشات لا تتأتى إلا من خلال الباب الشرعي لها. عنصر آخر مهم رغم تهميش الكثيرين له إلا أنه أساسي، وهو الجانب المادي، وهو من الأمور التي يجب أن تلتفت لها الفتاة عند اختيارها الزوج المناسب، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استطاع منكم الباءة فليتزوج" والمقصود بالباءة نفقات الزواج وإمكانية إعاشة الرجل للمرأة، والإسلام يشترط في صحة عقد النكاح واستمراره قدرة الرجل على الإنفاق. فليس محموداً أن تقبل الفتاة بأي شاب يتقدم لها مجرد اقتناعها بفكرة الزواج، أو وجود مزايا جانبية أخرى، فيجب أن يكون لديه على الأقل ما يكفيه ويكفي زوجته، وهو ما يوفّر الكثير من الخلافات التي قد تنشأ بعد الزواج. ولا نقصد على أية حال أن يكون الزوج ميسوراً وغنياً، فيكفي القدرة على النفقة ليكون كفؤاً للزواج، ولنا في الآية الكريمة موثقاً من الله في ذلك، حيث يقول _تبارك وتعالى_: " وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " (النور/32). ملاحظة مهمة أرجو أن تنتبه لها السائلة الكريمة، وكذلك كل فتاة مقدمة على الزواج: اختيار الرجل المناسب يجب أن يقوم جميع العناصر السابقة، فالزواج الذي يقوم على عنصر واحد فقط من عناصر الاختيار مغفلاً باقي العناصر مصيره في كثير من الأحيان الفشل؛ لأن الاختيار الناجح هو الذي يراعي جميع العناصر على التوازي. وعند النظر إلى مجتمعاتنا العربية والإسلامية المحافظة ، نعلم أن الفتاة - غالبا - لا تتمكن من التعرف على خطيبها بشكل مباشرة أو الاستعلام عن سلبياته وإيجابية . ولهذا فهي تحتاج إلى أن يقف معها أهلها ويساعدوها في ذلك وخاصة والدها وإخوانها . فهم يستطيعون أن يجالسوا الخطيب ويخرجوا معه ويتحدثوا وإياه بحرية ، فيسمعوا منه ويسألوا عن علاقاته وزمالاته ومحيطة . كما أنهم يستطيعون زيارته في مقر عمله مثلا والتعرف على منطقة سكنه وما إلى ذلك من الجوانب التي تعطي فكرة واضحة عن طبيعة الشخص ونمط حياته وسلوكياته ومستوى تفكيره وإدراكه . ثم هم بعد ذلك ينقلون ما يروه بأمانة إلى الفتاة التي يمكنها بعد ذلك - وبمشورة العارفين من أهلها – أن تصل إلى حكم صحيح على الرجل مبني على معلومات صحيحة واختيارات شرعية وجوانب واقعية ومنطقية . آملين للأخت السائلة ولكل فتياتنا التوفيق في اختيارهن وفي حياتهن الزوجية.