أحمد سلامه مشرف سابق
عدد المساهمات : 1609 تاريخ التسجيل : 18/05/2010 العمر : 40
| موضوع: " لو علمتم مافاتكم من الرزق بسبب المعاصي والذنوب لقتلتم أنفسكم حسرات " السبت 24 سبتمبر 2011 - 18:10 | |
| " لو علمتم مافاتكم من الرزق بسبب المعاصي والذنوب لقتلتم أنفسكم حسرات "
أخوانى وأخواتى تعالوا نبحر في روائع ابن القيم الجوزية - رحمه الله - حول أثر الذنوب والمعاصي على الفرد
يقول - رحمه الله - : -
وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة , والمضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه الا الله .
1- فمنها : حرمان العلم : -
فإن العلم نور يقذفه الله في القلب , والمعصية تطفيء ذلك النور . ولما جلس الإمام الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته , وتوقد ذكائه , وكمال فهمه , فقال : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا فلا تطفئه بظلمة المعصية
وقال الشافعي : - شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي وقال : اعلم بأن العلم فضلٌ ... وفضلُ الله لا يؤتاه عاصِ
2- ومنها حرمان الرزق : -
وكما أن تقوى الله مجلبة للرزق فترك التقوى مجلبة للفقر , فما استجلب رزق الله بمثل ترك المعاصي .
3- ومنها وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله : -
لاتوازنها ولاتقارنها لذة أصلاً , ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تَفِ بتلك الوحشة , وهذا أمر لا يحس به إلا من في قلبه حياة ........ وما لجرح بميت إيلامُ , فلو لم تترك الذنوب إلا حذراً من وقوع تلك الوحشة , لكان العاقل حرياً بتركها .
وشكى رجل إلى بعض العارفين وحشة يجدها في نفسه , فقال له : إذا كنت قد أوحشتك الذنوب .. فدعها إذا شئت واستأنسِ .
وليس على القلب أمَرُّ من وحشة الذنب على الذنب فالله المستعان .
4- ومنها الوحشة التي تحصل بينه وبين الناس : -
ولاسيما أهل الخير منهم , فإنه يجد وحشة بينه وبينهم , وكلما قويت تلك الوحشة بَعُدَ منهم ومن مجالستهم , وحُرِمَ بركة الانتفاع بهم , وقَرُبَ من حزب الشيطان بقدر ما بَعُدَ من حزب الرحمن , وتَقْوَى هذه الوحشة حتى تستحكم , فتقع بينه وبين إمرأته وولده وأقاربه , وبينه وبين نفسه فتراه مستوحشا من نفسه , وقال بعض السلف : إني لأعصي الله فأرى ذلك في خُلُق دابتي وإمرأتي .
5- ومنها تعسير أموره عليه ؛ فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقاً دونه : -
أو متعسراً عليه ؛ وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا , فمن عَطَّلَ التقوى جعل الله له من أمره عسرا . ويالله العجب ! كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة عنه متعسرة عليه وهو لا يعلم من أين أُتيَ .
6- ومنها ظلمةٌ يجدها في قلبه حقيقة : -
يُحِسُّ بها كما يُحِسُّ بظلمة الليل البهيم , إذا أدلهم , فتصيرُ ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره , فإن الطاعة نور والمعصية ظلمة , وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته , حتى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر , كأعمى أخرج في ظلمة الليل يمشي وحده وتَقوى هذه الظلمة حتى تظهر في العين ثم تقوى حتى تعلو الوجه وتصير سواداً فيه حتى يراه كل أحد .
قال عبد الله بن عباس : إن للحسنة ضياءً في الوجه , ونوراً في القلب وسعة في الرزق , وقوة في البدن , ومحبة في قلوب الخلق , وإن للسيئة سواداً في الوجه وظلمة في القلب , ووهناً في البدن , ونقصاً في الرزق وبغضة في قلوب الخلق .
7- ومنها ان المعاصي توهن القلب والبدن : -
أما وهنها للقلب فأمر ظاهر , بل لا تزال توهنه حتى تزيل حياته بالكلية , وأما وهنها للبدن فإن المؤمن قوته من قلبه , وكلما قوى قلبه قوى بدنه , وأما الفاجر فإنه وإن كان قوى البدن فهو أضعف شيء عند الحاجة فتخونه قوته عند أحوج ما يكون إلى نفسه . وتأمل قوة أبدان فارس والروم كيف خانتهم , أحوج ما كانوا إليها , وقهرهم أهل الإيمان بقوة أبدانهم وقلوبهم .
8- ومنها : حرمان الطاعة : -
فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا أنه يصد عن طاعة تكون بَدَلَه , ويقطع طريق طاعة أخرى , فينقطع عليه بالذنب طريق ثالثة , ثم رابعة وهلم جرا , فتنقطع عنه بالذنب طاعات كثيرة , كل واحدة منها خير له من الدنيا وما عليها , وهذا كرجل أكل أكلة أوجبت له مرضة طويلة منعته من عدة أكلات أطيب منها والله المستعان .
9- ومنها : أن المعاصي تقصر العمر وتمحق بركته : -
ولابد , فإن البر كما يزيد في العمر فالفجور يقصر العمر . وقد اختلف الناس في هذا الموضع : فقالت طائفة : نقصان عمر العاصي هو ذهاب بركة عمره ومحقها عليه . وهذا حق وهو بعض تأثير المعاصي .
وقالت طائفة : بل ينقص حقيقة , كما ينقص الرزق فجعل الله سبحانه للبركة في الرزق أسبابا كثيرة تكثره وتزيده , وللبركة في العمر أسبابا تكثره وتزيده .
قالوا ولا تمنع زيادة العمر بأسباب كما ينقص بأسباب - فالأرزاق والآجال والسعادة والشقاوة والصحة والسقم والمرض والغنى والفقر وإن كانت بقضاء الله عز و جل فهو يقضي ما يشاء بأسباب جعلها موجبة لمسبباتها مقتضية لها .
وقالت طائفة أخرى : تأثير المعاصي في محق العمر إنما هو بأن تفوته حقيقة الحياة , وهي حياة القلب . ولهذا جعل الله سبحانه الكافر ميتا غير حي , كما قال تعالى ( أمواتٌ غيرُ أحياء ) النحل 12 – فالحياة في الحقيقة حياة القلب وعمر الإنسان مدة حياته , فليس عمره إلا أوقات حياته بالله , فتلك ساعات عمره , فالبر والتقوى والطاعة تزيد في هذه الأوقات التي هي حقيقة عمره ولا عمر له سواها .
وبالجملة فالعبد إذا أعرض عن الله واشتغل بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياته الحقيقية التي يجد غِبَّ ( ثمرة ) إضاعتها يوم يقول ( يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) الفجر 24 – فلا يخلوا إما أن يكون له مع ذلك تطلع إلى مصالحه الدنيوية والأخروية أو لا ؟ فإن لم يكن له تطلع إلى ذلك فقد ضاع عليه عمره كله , وذهبت حياته باطلاً , وإن كان له تطلع إلى ذلك طالت عليه الطريق بسبب العوائق , وتعسرت عليه أسباب الخير بحسب اشتغاله بأضدادها , وذلك نقصان حقيقي من عمره .
وسر المسألة أن عمر الانسان مدة حياته ولا حيوة له إلا باقباله على ربه والتنعم بحبه وذكره وإيثار مرضاته . ...... .
10- منها أن المعاصي تزرع أمثالها وتولد بعضها بعضا : -
حتى يَعٌزُّ على العبد مفارقتها والخروج منها , كما قال بعض السلف : أن من عقوبة السيئة السيئة بعدها , وأن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها , فالعبد إذا عمل حسنة قالت أخرى إلى جنبها اعملني أيضا فإذا عملها قالت الثانية كذلك وهلم جرا , فتضاعف الربح وتزايدت الحسنات ؛ وكذلك جانب السيئات أيضا , حتى تصير الطاعات والمعاصي هيئات راسخة , وصفات لازمة , وملكاتٍ ثابتة , فلو عطل المحسن الطاعة لضاقت عليه نفسه وضاقت عليه الأرض بما رحبت , وأحسَّ من نفسه بأنه كالحوت إذا فارق الماء حتى يعاودها , فتسكن نفسه وتقر عينه .
ولو عطل المجرم المعصية وأقبل على الطاعة لضاقت عليه نفسه وضاق صدره وأعيت عليه مذاهبه , حتى يعاودها , حتى أن كثيرا من الفساق ليواقع المعصية من غير لذة يجدها , ولا داعية إليها , إلا لما يجد من الألم بمفارقتها كما صرح بذلك شيخ القوم الحسن بن هانيء حيث يقول : - وكأس شربت على لذة ... وأخرى تداويت منها بها
وقال الآخر : - وكانت دوائي وهي دائي بعينه ... كما يتداوى شارب الخمر بالخمر
ولا يزال العبد يعاني الطاعة ويألفها ويحبها ويؤثرها حتى يرسل الله سبحانه برحمته عليه الملائكة تأزُّهُ إليها أزّاً , وتحرضه عليها ,وتزعجه عن فراشه ومجلسه إليها .
ولا يزال يألف المعاصي ويحبها ويؤثرها حتى يرسل الله عليه الشياطين فتأزُّهُ إليها أزّاً , فالأول قوَّى جند الطاعة بالمدد , فصاروا من أكبر أعوانه , وهذا قوَّى جند المعصية بالمدد , فكانوا أعوانا عليه . | |
|
شموخ مشرف سابق
عدد المساهمات : 703 تاريخ التسجيل : 14/10/2010
| موضوع: رد: " لو علمتم مافاتكم من الرزق بسبب المعاصي والذنوب لقتلتم أنفسكم حسرات " السبت 24 سبتمبر 2011 - 20:33 | |
| | |
|
أحمد سلامه مشرف سابق
عدد المساهمات : 1609 تاريخ التسجيل : 18/05/2010 العمر : 40
| موضوع: رد: " لو علمتم مافاتكم من الرزق بسبب المعاصي والذنوب لقتلتم أنفسكم حسرات " الأحد 25 سبتمبر 2011 - 13:20 | |
| أشكرك أختى الفاضله شموخ على مرورك الكريم والعطر والمشرف لى ، شكــــــــرا جزيلا .
بارك الله فيك ولك ، وجازاك - سبحانه - خيرا كثيرا طيبا مباركا فيه ، ووفقك ، وسدد خطاك ، وهداك دائما الى ما يحبه ويرضاه ، والى ما فيه الحق والخير والصلاح ، ورزقك الفردوس الأعلى من الجنه .
| |
|
علياء صوينى عضو فضي
عدد المساهمات : 456 تاريخ التسجيل : 05/06/2010 العمر : 41
| موضوع: رد: " لو علمتم مافاتكم من الرزق بسبب المعاصي والذنوب لقتلتم أنفسكم حسرات " الأحد 25 سبتمبر 2011 - 17:05 | |
| وسر المسألة أن عمر الانسان مدة حياته ولا حيوة له إلا باقباله على ربه
بارك الله فيك ولك أحمد
دائما متألق موضوعاتك متميزة
جزاك الله خيرا كثيرا طيبا مباركا | |
|
هبة الله مشرف
عدد المساهمات : 2310 تاريخ التسجيل : 23/05/2010
| موضوع: رد: " لو علمتم مافاتكم من الرزق بسبب المعاصي والذنوب لقتلتم أنفسكم حسرات " الجمعة 14 أكتوبر 2011 - 20:48 | |
| | |
|
مى محمد مشرف سابق
عدد المساهمات : 971 تاريخ التسجيل : 08/01/2011
| موضوع: رد: " لو علمتم مافاتكم من الرزق بسبب المعاصي والذنوب لقتلتم أنفسكم حسرات " الأحد 16 أكتوبر 2011 - 0:22 | |
| | |
|
أميرة مشرف سابق
عدد المساهمات : 1554 تاريخ التسجيل : 08/08/2010
| موضوع: رد: " لو علمتم مافاتكم من الرزق بسبب المعاصي والذنوب لقتلتم أنفسكم حسرات " الأحد 16 أكتوبر 2011 - 14:31 | |
| بارك الله فيك أستاذ أحمد
وجزاك الله خيراً | |
|