قلت : وإذا أردنا أن نكون في مأمن على ديننا وعقيدتنا فعلينا أن نعلم خوارق العادات ونفهمها جيداً وهي ست أشياء:
1- الارهاصات . 2-المعجزات .
3-الكرامات. 4-السحر.
5- الاستدراج . 6- الإهانة .
وإليك شرحها مفصلة حتى تعلم الفرق بينهم جميعاً:-
1) الارهاصات (المبشرات ):هي أمرخارق للعادة يجريه الله للأنبياء في طفولتهم تمهيداً لنبوتهم.
وهذه الارهاصات خاصة بالأنبياء فقط وهي تأتي لتدلل على أن هذا المولود سيصبح نبياً وهي تحدث لكل الأنبياء في ميلادهم وطفولتهم ،وإذا أردنا ذكر نماذج منها فمثل ما حدث لنبينا محمد- صلى الله عليه وسلم-حيث أن كل مولود يستهل صارخاً إلا أن كان من العجيب أن يستهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ساجداً لله حين خرج من بطن أمه ، وهذه هي الارهاصات (المبشرات ) حيث تبشر بأن هذا المولود سيصبح له شأن عظيم ألا وهو النبوة ومنها أيضا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-إذا أرضعته امرأة زاد اللبن في ثديها . ومنها عندما أصبح غلاماً إذا سار علي الأرض في الرمل لم يكن له أثر ،ولكن إذا سار علي الصخر غاصت قدمه فيه .
ومنها ما كان لنبي الله عيسى – عليه السلام- حيث ولد من أم بلا أب ،وأنه تكلم في المهد.
ومنها ما كان لنبي الله موسى –عليه السلام- عندما ولدته أمه وخافت عليه من جنود فرعون ، فطرق الجنود الباب ففزعت فأرادت أن تخبأه فألقته في التنور –الفرن- وكانت مشتعلة وبعد ما فتش الجنود البيت وخرجوا ،تذكرت أن التنور مشتعلة فأسرعت إلي ابنها فوجدته سليماً لم تمسه النار بشيء ، وهذا دليل علي أن هذا المولود سيصبح له شأن عظيم.
وغير ذلك من الأمور مثل إلقائه في التابوت ثم إلقائه في اليم .
وهذه الارهاصات تكون للأنبياء قبل الرسالة أما ما يحدث لهم من خوارق العادات بعد الرسالة فهو المعجزة .
2) المعجزة :هي أمر خارق للعادة يجريه الله على يد أنبيائه لتكون دليلاً على صدق ما جاءوا به ويتحدوا به من عارضهم ويستعجزهم عن الإتيان بمثلها .
مثل القرآن الكريم فهو معجزة للنبي محمد –صلى الله عليه وسلم - ،وإحياء الموتى وإبراء الأكمه و الأبرص كانت معجزة للنبي عيسى –عليه السلام- والعصا التي تتحول إلى ثعبان مبين كانت معجزة للنبي موسى –عليه السلام –وغير ذلك كثير .......
3)الكرامة :هي أمر خارق للعادة يجريه الله على يد رجل ظاهر الصلاح ليثبته به .
ويعرفهم الله بقوله " {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }يونس62 وإذاسألنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن التقوى تجده يقول "التقوى هاهنا ويشير إلى صدره " وإذا سألناه عن الإيمان تجده يقول " الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل " وهذا دليل ضد من أنكر العمل فهو بذلك قد خرج عن عقيدة أهل السنة والجماعة في الأعتقاد. وعليه أن يعلم أن " الإيمان قول وعمل" كما نص على ذلك الإمام البخاري في (الجامع الصحيح ) .
ومن العجيب أن من ينكر العمل من هؤلاء الجهلاء يدعون الولاية فيقول لك أنا ولى من أولياء الله ولكنه لا يصلي ولا يصوم وتجده ينتهك الحرمات ولا يراعي شرع الله في قوله ولا في عمله ، إذن الولي : هو من يخشى الله في كل أحواله سره وعلانيته فتجده يؤمن بالله ويعمل الصالحات ويتقي ربه .
فهذا الرجل إذا حدث له إنخراق للعادة فهذه تسمى كرامة وهي التى يجريها الله على يديه متى شاء الله لا متى شاء هو ،أما من كان على خلاف ذلك حيث أنه لا يؤمن بالله ولا يعمل الصالحات ولا يتقي ربه ويدعي أنه قد وصل إلى قمة الولاية فهذا رجل مبتدع وليس متبع للنبي محمد –صلى الله عليه وسلم – حيث كان رسول الله يصلي إلى آخر صلاة في حياته حتى إنه كان يهادى –يسند- بين الرجلين حتى يقام في الصف -صلى الله عليه وسلم- . وكان –صلى الله عليه وسلم-يوصي بالصلاة وهو في الرمق الأخير من حياته فكان يقول –صلى الله عليه وسلم- "الصلاة الصلاة ،وما ملكت أيمانكم ".
وقد سئل الإمام الجنيد عن أناس يقولون أنهم قد وصلوا إلى قمة الولاية وبذلك قد سقط عنهم العمل فقال :لو عشت ألف عام ما تركت شيئاً مما أعمل .
وكل الصحابة والتابعين ما كانوا يعلمون هذا القول الفج المنكر الذي يدعوا إلى ترك عبادة الله فقد ظلوا يعبدون الله مخلصين له الدين إلى آخر لحظة في حياتهم ،إذن فهذا القول الذي يدعوا إلى ترك العمل هو قول باطل جملةً وتفصيلاً ،وأوضح دليل على أن صاحبه متبع للشيطان تاركاً لطريق الرحمن ورسوله وصحابته الكرام.
4)السحر:هوأمر خارق للعادة يجريه الله على يد رجل فاسق ليمد له في ضلاله .
وهوالذي يقوم به الفسقة والفجره والكفره معتمدين على بعض التمائم والعزائم والطلاسم التى هى عبارة عن رسومات وكلمات غير مفهومه حتى وإن خالطها بعض آيات القرآن فإن الشرك في الكلمات غير المفهومة ،فعندما تعلم الشياطين كفره تساعده على بعض الأعمال وتخرق له العادة –ولكن في حد معين لا يصل إلى المعجزة – وهذا الرجل يكون بعمله هذا قد خرج من الإسلام لأنه أشرك الجن بعبادة ربه فدعاهم وذبح لهم واستعان بهم .
5) الاستدراج : هو أمر خارق للعادة يجريه الله على يد رجل فاسق على وفق مقصوده استدراجاً له .
وهذا يكون لبعض الناس الذين ينعم الله عليهم فلا يشكروه ، ويتمادوا في عصيانهم ولذلك يقال : " إذا رأيت العبد ينعم عليه وهو يتمادى في عصيانه فاعلم أنه مستدرج " و الاستدراج هو أن يستدرجهم الله –سبحانه وتعالى – كما يقول {وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } الأعراف182 فتجد بعض الناس تفتح لهم الأبواب المغلقة مع أنه عاصي لربه غير ملتزم بحدوده وكلما زاد في طغيانه زاد الله في إعطائه مصداقاً لقوله تعالى {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً *فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً }الطارق17
وقوله تعالى {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ }هود102 وقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم –" إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته "
فإن الله يمده ويمده حتى إذا أخذه لم يفلته .
6) الإهانة :هو أمر خارق للعادة يجريه الله على يد رجل فاسق على عكس مقصوده إهانة له .
وهذا كما كان يحدث لمسيلمة الكذاب حيث أنه كان يتفل في عين المريض فتعمى الأخرى ، فهذا خرق للعادة ولكن على عكس مقصوده ،فإن الله قد أجرى على يديه هذا الأمر الخارق للعادة لكي يهينه أمام الناس الذين قد صدقوه وظنوه نبياً.