- مؤمن ابوالدهب كتب:
- النظريات المفسرة للمراهقة كلها مقررة ولا نذاكر نظرية واحدة
رجاءا الرد
لمراهقة :الخصائص والنظريات المفسرة لها.
خصائص المراهقة .
الخصائص البيولوجية والمورفولوجية للمراهق .
الخصائص الاجتماعية للمراهق .
الخصائص المعرفية والانفعالية للمراهق .
النظريات المفسرة للمراهقة .
نظرية التحليل النفسي .
النظرية المعرفية "لبياجه" .
النظرية الاجتماعية الانتربولوجية "مارجريت ميد" .
نظرية المجال "كورت ليفين" .
المراهقة كفترة زمنيـــــــــة .
المراهق المغربي من خلال الأبحاث السوسيولوجية والسيكولوجية .
تقديـــــــــم :
المراهقة
في اللغة العربية من الأصل (رهق) "فلان رهقا سفه وحمق وجهل –وركب الظلم
والجهل- وغشي المآثم، وفي التنزيل (زادوهم رهقا) إثما، وراهق الغلام، قارب
الحلم ويقال أيضا راهق الغلام الحلم ويقال صلى الظهر مراهقا مدانيا للغروب.
والمراهقة الفترة من البلوغ إلى سن الرشد" . فالمراهقة في معناها اللغوي
ترتبط بالوصول إلى مرحلة البلوغ أي أن تحديديها بيولوجي .وفي اللغة
الفرنسية فكلمة adolescence تعني مراهقة و adolescent التي تعني مراهق،
فهما مشتقان من الفعل اللاتيني adolescerre الذي يعني التدرج نحو النضج
الجسمي والعقلي والجنسي والانفعالي ،وهو نفس الفعل الذي اشتقت منه لفظة
adulte " .
إذن المراهقة في التحديد المعجمي ترتبط بالوصول إلى مرحلة من
النضج بالنسبة للفرد وبالتالي تجاوز الخصائص الطفولية المميزة له، وهي
فترة أساسية في حياة الشخص فهي وضعية تجاوز للمرحلة الطفلية وانتقال لمرحلة
الرشد وتحمل المسؤولية ، وقد أولاها علماء النفس اهتماما كبيرا بتخصيص فرع
يهتم بدراستها ومقاربة أهم الجوانب والمعطيات المرتبطة بها من انفعالات
ومعارف وأيضا العلاقات الاجتماعية للفرد .
ظهرت الدراسات الأولى حول
المراهقة مع ستانلي هول stanly hull الذي قال بكون هذه المرحلة تستحق
اهتمام علم النفس ككل ،فهي في نظره مرحلة أزمة وأيضا فترة للعواصف والتوتر
النفسي، بل إنها أكثر من ذلك فهي ولادة جديدة.
ارتبطت دراسات stanly
hull بإبراز مختلف التغيرات الفيزيولوجية ذات العلاقة بوظائف الغدد
والتحولات التي تطرأ على إفرازاتها. فما هي أهم الخصائص الفيزيولوجية
والعضوية والانفعالية والاجتماعية والمعرفية للمراهقة ؟ وما هي أهم
النظريات المفسرة لمختلف التحولات التي تطرأ على الفرد في هذه الفترة من
حياته ؟
1. خصائص المراهقة :
تختلف التحديدات المقدمة للمراهقة وذلك
لكونها تركز على النمو والنضج الذي يلحق جانبا من حياة الفرد ،وهنا نعرض
لأهم الخصائص التي تتميز بها المراهقة ،وذلك بكون هذه الخصائص معبرة عن
مرحلة انتقال من الطفولة إلى مرحلة جديدة.
1.1. الخصائص العضوية والمورفولوجية للمراهقة :
يتعرض
الفرد لجملة من التغيرات الجسمية والتي تتمظهر في نمو بعض الأعضاء
والأطراف حسب جنس الفرد بطريقة مفاجئة وسريعة، كاتساع الكتفين والزيادة في
الطول ونمو الأعضاء الجنسية بالنسبة للذكر، واتساع الحوض وبروز النهدين ثم
الزيادة في الطول والوزن بشكل ملفت بالنسبة للأنثى .إضافة لبروز الشعر في
مناطق مختلفة من الجسم بتوزيع وكثافة مغايرة عن تلك التي كانت لدى الشخص في
الطفولة. و"البنات منذ السنوات الأولى من أعمارهن يصبحن أكثر نضجا في
عمرهن العظمي بالنسبة للأولاد ،حيث يوجد ارتباط كبير بين العمر العظمي وبين
مستهل البلوغ" فالفتيات غالبا يكن أسبق نضجا، سواء من الناحية العضوية أو
الجنسية على الذكور ،وتحدد أهم علامات المراهقة من حيث الخصائص الفسيولوجية
والعضوية بقدرة الذكر على القذف ،وظهور أول طمث أو دم حيض بالنسبة للأنثى
وبالتالي القدرة على الإنجاب .
إن الخصائص المذكورة تعبر عن علامات
البلوغ التي تظل مرتبطة بالجانب العضوي لدى المراهق، وفي هذا المعنى يقول
البعض بأن بداية المراهقة هي بداية بيولوجية عضوية ونهايتها تكون نهاية
سيكولوجية.
2.1. الخصائص الانفعالية والاجتماعية للمراهقة .
تؤثر
مختلف التغيرات العضوية التي تظهر على المراهق في إثارة جهازه الانفعالي
،فيطرح عليه إشكال الهوية والانتماء ،فالمراهق جسميا يعد راشدا لكنه نفسيا
ما زال طفلا ومع هذه الوضعية التي يعيشها المراهق يسقط في حالة من
اللاتوازن وبحث عن الهوية ،فتأتي انفعالاته ثورية وغاضبة عن الواقع والسلطة
المتمثلة في الوالدين خصوصا، وفي بعض الأحيان عن الذات نفسها. ونظرا لهذه
الغربة الانفعالية إن صح التعبير التي يعيشها المراهق الناتجة عن الغربة
التي أضحى يعيشها في علاقته بجسمه والذي يبقى مشتتا في نظره، ما يزيد من
حدة التعقيدات الانفعالية فيتخذ للتغطية عن هذا الوضع مجموعة من "محاولات
التمويه فيضع المراهق أشياء غريبة على أنفه وأذنه لإثارة انتباه الآخرين
لهذه الأشياء ،وبالتالي صرف نظرهم عن ملاحظة جسمه" . ولكي يعيد المراهق
التوازن الانفعالي يتخذ أساليب مختلفة لتأكيد ذاته كالمخدرات بأنواعها أو
المغامرة والمخاطرة ...،إن هذه المرحلة من الناحية الانفعالية تبقى مرحلة
(الذاتية وتشتت الدور) بتعبير "إريك إريكسونErrik errickson " أو مرحلة
الميلاد الجديد والأزمة بالنسبة لHall .
ومن الناحية الاجتماعية فإن
المراهق يتميز بالتخلي عن خصائص العلاقات الاجتماعية الطفلية التي عادة
تربطه بأفراد الأسرة وأصدقاء اللعب في المدرسة، لينتقل مستوى العلاقة مع
جماعة الرفاق التي تشترك معه في كثير من المميزات الفكرية الناتجة بالخصوص
عن تطور مستوى التفكير لدى المراهق،حيث تلبي له هذه الجماعة فرصة التأكد من
مقدرته الفكرية في التحليل والسجال، وأيضا تساعده على تحقيق الاستقلال
الاجتماعي على الراشدين، من خلال الدعم الذي يقدمه أعضاء جماعة الرفاق
لبعضهم سواء في حالة التمرد والهرب أو في حالة المساعدة على ممارسة الأنشطة
والهوايات التي يتشاركون فيها.
كما يتحول لدى المراهق المثال المتخذ في
حياته والذي يرتبط بسلطة الأب الذي يشكل قدوة بالنسبة إليه إلى شخصية
أخرى، تتميز بصفات الزعامة والشهرة وبالتالي الثورة على الأب القدوة
والسلطة ،فالمراهق في علاقاته الاجتماعية يتماهى مع الأفضل، إنها بتعبير
آخر مرحلة عبادة الأبطال.
3.1. الخصائص المعرفية للمراهقة .
يكتمل
نمو الجهاز المعرفي في مرحلة المراهقة وهو ما يمكن المراهق من التحول إلى
أسمى مراحل التفكير المعقد ،أي التفكير المنطقي الشكلي بتعبير Piaget. حيث
يستطيع المراهق في هذه المرحلة التفكير في التفكير وبناء نظريات خاصة به
،وذلك بالنظر للقدرة على التركيز والانتباه التي تميزه على الطفل، وأيضا
لاعتماده على الفهم عكس التذكر الطفلي الذي يبقى آليا يعتمد على حفظ
الكلمات وترديدها. كما تتطور قدرة المراهق على التخيل والغرق في أحلام
اليقظة التي يستخدمها كمتنفس للحياة التي يعيشها وتجاوز إحباطاته ورغباته
المكبوتة.
2. النظريات المفسرة للمراهقة :
1.2 نظرية التحليل النفسي .
ركزت
نظرية التحليل النفسي على كون المراهقة إنما هي استمرار للمراحل التي
قبلها وبالتالي لا يمكن فصلها عن الطفولة أو الرشد ،إنها تشكل سيرورة في
بناء الذات، ولفهم رأي مدرسة التحليل النفسي فيما يخص المراهقة يجب عرض
أولا الأنساق المكونة للشخصية وللمراحل التي يمر بها الشخص في مسار نموه
النفسي الجنسي .
الشخصية في نظر التحليل النفسي تتكون من ثلاث قوى
أساسية وهي "الهو" الذي يتكون لدى الفرد منذ ولادته،والذي يمثل مستودع
الغرائز والرغبات التي تتطلب الإشباع ،والتي تكون مدفوعة بقوى ليبدية لا
تقبل التأجيل. ثم الأنا الأعلى وهو الجهاز النفسي الثاني للشخصية الذي
يتكون من مختلف القيم والمعايير والسلطة الاجتماعية التي يتعلمها الشخص عبر
التنشئة الاجتماعية ،إضافة إلى الأنا وهو الجهاز الواعي في الشخصية الذي
يعمل على التوفيق بين متطلبات الهو الغريزية الملحة وشروط الأنا الأعلى في
الإشباع وذلك بهدف تحقيق التوازن .
في مرحلة المراهقة يطرأ على هذه
الجوانب الأساسية من الشخصية مجموعة من التغيرات الهامة ،فبالنسبة للهو
بعدما تكون القوى اللبيدية في مرحلة الكمون ساكنة أو يتم تصريفها بطرق
مقبولة اجتماعيا من خلال اللعب المدرسي وتكوين الصداقات... يتم ظهورها في
المراهقة بشكل أساسي واندفاعي خصوصا مع البلوغ، وتفرض بالتالي مجموعة من
الضغوط على المراهق بهدف الإشباع . كما تطرأ تحولات هامة على الأنا الأعلى
فبعدما كان "المراهق يقوم باستدخال قيم ومعايير المجتمع عن طريق التوحد
،يظهر اهتزاز هذا الدور نتيجة تغير العلاقة مع الوالدين" ، وذلك بتحول
اشتغال هذه الميكانيزمات إلى التوحد بشخصيات أخرى أكثر شهرة وعظمة من
الأبوين في نظر المراهق، ومن هنا يدخل في صراع مباشر مع القيم والمعايير
والسلطة المجتمعية بهدف تحقيق الهوية.
هذين الجانبين من الشخصية يِؤثر
تطورهما بشكل كبير على الأنا الذي يعيش مرحلة اللاتوازن في محاولاته
التوفيق بين غرائز الهو ومتطلبات الأنا الأعلى .
وبالنسبة لمراحل النمو
التي يمر منها الفرد في نظر التحليل النفسي فهناك المرحلة ما قبل التناسلية
والتي تتفرع بدورها إلى مراحل أخرى ،ثم المرحلة التناسلية التي تصادف
أساسا مرحلة المراهقة ، فالمراهق تنضج أعضاءه الجنسية فيكون بذلك قادر على
الإنجاب حيث يعمل على تصريف غرائزه بشكل تشاركي مع الجنس الآخر. أي أنه
يبدأ في تحقيق أسمى أهدافه المتمثلة حسب نظرية التحليل النفسي في تحقيق
الحب والإنتاج ،هذه الأهداف تكون غير ظاهرة في المرحلة ما قبل التناسلية
وذلك لكون الإشباعات تقتصر على بعض المناطق من الجسم وتركز على الذات
فمختلف إشباعاته تكون نرجسية.
ومن صلب النظرية التحليلية الكلاسيكية
ل"فرويد Freud" ظهرت مقاربات تحليلية أخرى للمراهقة أهمها مقاربة إريك
إريكسون الذي "لم يقتصر في دراسة الفرد من خلال العلاقة (أب-طفل-أم)" كما
فعل Freud ولكن دراسته للفرد كانت في "قالب أوسع يشمل إطار الأسرة والمجتمع
بكل ثقله الثقافي والتاريخي والتراثي" .
يقدم "إريكسونErrickson " ثمان
مراحل يمر بها الفرد في نموه ،والمراهقة تصادف المرحلة الخامسة من هذه
المراحل والتي يعبر عنها بكونها مرحلة "الذاتية وتشتت الدور" الذي يبحث فيه
المراهق عن مكان له داخل المجتمع الذي يعيش داخله فالمراهقة عند
"إريكسونErrickson" هي أساسا بحث عن الهوية والتموقع .
إن أهم ما ركزت
عليه نظرية التحليل النفسي هو كون المراهقة ليست منفصلة عن الطفولة أو
الرشد ،فهي ليست بالميلاد الجديد بل استمرار لشخصية قاعدية تكونت منذ
الطفولة الأولى وما زالت تخضع لسيرورات النمو والتطور .
2.2. النظرية الاجتماعية الانتربولوجية .
عبر
"Hall هول" على الخصوص بكون المراهقة هي مرحلة الأزمة التي يمر منها
الأفراد ،ولدحض هذه الفرضية والتأكيد على كون المراهقة مرحلة أزمة أو أنها
ليست كذلك، أي أن تحديدها مرتبط بطبيعة المجتمع ومعاييره وقيمه وتقاليده
وأيضا طقوسه في التعامل مع المراهقين عملت "مارجريت ميدMargaret meed " على
تأكيد فرضية أستاذها "بواBois " الشمولية التي تؤكد على الدور الذي يلعبه
المجتمع في إكساب السمات والقدرات لأفراده.
وقد توصلت "ميدMeed " إلى أن
"وجود أزمة أو عدم وجودها لدى المراهق يرتبط بالبيئة الاجتماعية (فالتباين
الثقافي بين مجتمع ساموا الذي درسته وثقافة المجتمع الأمريكي هو الذي يفسر
الفرق الذي نجده في شخصية المراهق" . فإذا كان المراهق يعيش أزمة
واضطرابات في المجتمع الأمريكي والغربي عموما فذلك بالنظر لنوعية تركيبة
هذا المجتمع وحضارته ،لأنه في أماكن أخرى يستغرق تأهيل الفتى ستة أيام
بالغناء والرقص ليعطى له اسم جديد يكون رمزا لوداع الحياة الطفولية (الهنود
الهوسيين) ،أو تدوم الاحتفالات عند ظهور الدم عند الفتاة أربعة أيام، وهذا
التأهيل يختتم بمباراة سباق تحت حر الشمس (الأباش) .أو يتم إسناد أدوار
ووظائف اجتماعية لكلا الجنسين ،حيث الذكور يقومون بالجري والصيد في الغابة
تحت الحر والبرد في حين أن الإناث يجب أن يلزمن الكوخ لتعلم وضعهن الجديد
كزوجات شابات.
3.2. نظرية "جون بياجه Piaget " في المراهقة .
تطرأ
على الفرد مجموعة من التغيرات في المستوى المعرفي، فمن مرحلة التفكير الحسي
الحركي الذي يكون لدى الطفل خلال السنتين الأوليين إلى أن يتطور لمرحلة
التفكير الشكلي المنطقي ،هذه المرحلة عند Piaget تصادف فترة المراهقة مرورا
قبل ذلك بمرحلة ما قبل العمليات العقلية من سنتين إلى سبع سنوات، يهتم
خلالها الطفل باكتساب المعارف والخبرات حول واقعه الاجتماعي والموضوعي ،ثم
مرحلة العمليات العقلية الحسية من سبع سنوات إلى إحدى عشر سنة والتي تتطور
خلالها مختلف مهارات الطفل .
بعد سن الحادية عشرة يتم الدخول في مرحلة
المراهقة فيتحول تفكير الفرد إلى التفكير المنطقي الشكلي الذي يمكنه "من
التعامل بنجاح ويستخدم لغة الاستدلال المنطقي والقدرة على خلق عالم من
الممكنات حيث ليس هناك حاجة إلى التعامل المادي الحسي" ، لأنه يكون قادر
على بناء أنساق ونظريات عبر الكتابة أو عن طريق الكلام ،كما يكون اهتمامه
بالقضايا غير الآنية التي لا علاقة لها بالواقع المعيش واليومي ،بل لها
علاقة برغباته وطموحاته المختلفة ،فتصبح المراهقة بذلك معارضة للطفولة في
خاصيتين. الأولى ترتبط بالنشاط الحر للتفكير التلقائي بكونه تجاوز للتفكير
الطفلي "الملموس الذي هو تمثل لفعل ممكن ،أما التفكير الصوري فهو تمثل
لتمثل أفعال ممكنة" وهو الذي يمكن المراهق من صيغ التفكير التي تميزه
وتخالف الصيغ التي كانت لديه خلال الطفولة ، فأنوية المراهق الذهنية " يمكن
مقارنتها بأنوية الرضيع الذي ينظر للكون باعتباره مشابه للنشاط الجسدي
،وأنوية الطفولة الصغرى التي تعتبر الأشياء مطابقة للتفكير الناشئ (الألعاب
الرمزية...) ،ويتميز هذا الشكل من التمركز حول الذات بالاعتقاد في القوة
الخارقة للتفكير كما لو أنه يجب على العالم أن يخضع الأنساق بدل أن تخضع
هذه الأخيرة للواقع . إنه السن الميتافيزيقي في أسمى تجلياته ،فالأنا تكون
قوية بما فيه الكفاية إلى حد إعادة بناء العالم وكبيرة إلى حد ضمه إليها" .
وبنمو المراهق يظهر على عملياته الذهنية بعض التغيير ليس من حيث قوة
آدائها وفاعليتها ولكن من حيث أهدافها في علاقة بالمواضيع المفكر فيها
وبالواقع "فالأنوية الميتافيزيقية للمراهق تجد تصحيحها شيئا فشيئا في تصالح
التفكير الصوري مع الواقع إذ يتم الوصول إلى التوازن حين يفهم المراهق بأن
وظيفة التفكير الخاصة ليست هي المناقضة بل استباق وتأويل التجربة" ،أي عند
تحول المراهق للتفكير في الواقع الحقيقي الذي يحيط به ويعيش داخله ،وليس
التفكير في الواقع الذي يتمثله وذلك لكون المراهق حسب Piaget يفكر في
المجتمع الذي يهمه وهو ذلك الذي يريد إصلاحه (وليس أي مجتمع) ، أما المجتمع
القائم فإنه يدينه ولا يثير لديه إلا الازدراء وعدم الاهتمام لذا يعمل على
مواجهته والتركيز على عيوبه.
وهذا التطور الحاصل في المستوى المعرفي
للمراهق يؤثر في مختلف جوانب حياته الاجتماعية، التي يكون قادرا على
انتقادها بالنظر لنمو بنياته الفكرية وتطورها نحو المرحلة الشكلية
المنطقية، وذلك لكون هذه العمليات الذهنية المتطورة تمكنه من تجاوز الواقع
الذي قد يكبت رغباته نحو واقع خاص به تساعده في بنائه العمليات العقلية
التي وصلت درجة مهمة من النمو والتعقيد.
4.2. نظرية المجال "لكورت ليفينk.lewin " في تفسير المراهقة .
ما
يلاحظ في مختلف الدراسات التي تناولت المراهقة أنها قامت بدراساتها بطريقة
تجزيئية ،أي الاهتمام بالجانب الاجتماعي أو الانفعالي أو المعرفي فيها دون
التركيز على التفاعلات القائمة بين هذه الجوانب ، وما يميز نظرية lewin هو
محاولتها تجاوز هذا العيب وذلك من خلال العمل على تفسير المراهقة
بالاهتمام بمختلف المتغيرات التي ترتبط بالفرد ،وتحديد الأبعاد والخصائص
الأكثر تمييزا للمراهق عن الطفل والراشد ،والتي تظهر لدى أغلب المراهقين
،وهذا التحديد الذي وضعه lewin يرتبط بعلاقة المراهق بمجال ما. وفي الأخير
حدد ستة أبعاد تميز المراهقين عن غيرهم :
1- البعد الأول : تغيير
الانتماء للجماعة حيث يقوم المراهق باستبدال علاقات الصداقة التي كانت
تربطه بالأطفال الصغار، أو بكونه متعلق في أغلب أوقاته بأمه أو أبيه
،ليتحول للانتماء لجماعة الرفاق التي تتميز بالاستقلالية وتفرض شروطها على
المجتمع .
2- البعد الثاني: وهو الدخول في وضع غير محدد ،فالمراهق وكما
أبرزت مختلف الدراسات فهو من الناحية النفسية له خصائص الطفولة ،ومن
الناحية الجسمية والعضلية له خصائص الراشد فهو يقع بذلك في مفترق بين وضعين
.
3- البعد الثالث يرتبط بالواقع الجسمي حيث يظهر اختلال في الوضع
الجسمي للمراهق أمام التغيرات المفاجئة التي تحدث له من النمو الكبير
لأعضاء جسمه ،وظهور الشعر في مناطق مختلفة من الجسم الشيء الذي يجعله يقوم
بسلوكات معبرة عن دهشته من هذه التغيرات كمراقبة والاهتمام الزائد بالمظهر
كاللباس وتسريحة الشعر ورغبته في أن يكون على أحسن هيئة ، وهو ما يخلق له
توترات ومتاعب في بعض الأحيان .
4- البعد الرابع والذي يعبر عنه lewin
بعدم استقرار الوضع خصوصا من الناحية الفكرية ،فالمراهق رهين بما تؤكده
تجاربه وليس بما يقوله الآخرون عن الحياة، فقد يكون اليوم بأفكار معينة ثم
في الغد يبدي أفكارا مناقضة لها ،وذلك لأن إيمانه بالأفكار ليس لذاتها
وإنما لتحقيق رغباته الخاصة ،خصوصا وأنها تمكنه من استخدام أهم ميكانيزماته
لتحقيق التوافق والتي تميزه عن الراشد والطفل، وهو النقاش والسجال
l’intectualisation ومفاده الدخول والانخراط في مساجلات نظرية عميقة تؤكد
انتقاله إلى مستوى أعقد من التفكير .
5- البعد الخامس ويتعلق بالأفق
الراهن ،فالمراهق غالبا ما يقو م بخلط بين الواقع الحقيقي والخيال الخاص
به، فتكون رغباته قوية تتطلب الإشباع الآني ولا تقبل التأجيل . ومن هنا
الصدمات التي تقع بينه وبين وسطه، فهو لا يفكر في المستقبل بناءا الواقع
الاجتماعي ولكن بناءا على خياله وذلك بالنظر "لغياب الأفق الزمني" لديه في
تحقيق رغباته .
6- البعد السادس وهو تحديد الانتماء فالمراهق ليس بطفل
أو راشد وهو بالتالي غير قادر على تحديد جماعة حقيقية ينتمي إليها ،بل إن
انتماءه رهين بتغير أفكاره المستقبلية .
تركز نظرية lewin على أهم
الخصائص المميزة للمراهق سواء في علاقته بذاته من الناحية الجسمية أو
الانفعالية ،أو في علاقته بالمجتمع الذي غالبا ما تربطه به علاقات تتميز
بالنقد والرفض .
3. المراهقة كفترة زمنية .
ركزت مختلف النظريات
والدراسات المقدمة آنفا على أهمية مختلف الجوانب الانفعالية والاجتماعية
والمعرفية، والتغيرات التي تطرأ عليها ومدى مساهمتها في خلخلة وضعية
المراهق داخل مجتمعه أو تحقيق توافقه . فكما اهتمت هذه النظريات بالتفصيل
وبتحليل هذه الجوانب فإنها حاولت أيضا إعطاء السن التقريبية التي تظهر فيها
مختلف التغيرات التي تصفها كل نظرية ، وأيضا السن التي تختفي فيها هذه
التغيرات أو بمعنى آخر الدخول في مرحلة الرشد