ومن الأمثلة القرآنية التي ضربها القرآن الكريم لبيان أهمية الإنفاق في وجوه الخير، ما جاء في قوله تعالى: { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم } (البقرة:261)، فقد بيَّن سبحانه أن مثل من ينفق ماله في سبيل الله كمثل عود القمح الذي يحمل سبع سنابل، وتحمل كل سنبلة منه مائة حبة، بمعنى أن الله سبحانه يضاعف له ما أنفقه أضعافاً مضاعفة.
فمن خلال هذا المثل الحسي المشاهد والحي، يدرك المؤمن أهمية وقيمة الإنفاق في سبيل الله. وكان يمكن للخطاب القرآني أن يأتي بصيغة مجردة، كأن يقال مثلاً: أنفقوا من أموالكم، ولا تبخلوا بها، فإن أنفقتم فإن الله يعوضكم خيراً مما أنفقتم، بيد أن مجيئه على هذا النحو المجرد لن يكون له من الأثر والتأثير الذي جاء عليه النظم القرآني.
وهذا المثل يتضمن التحريض على الإنفاق في كل ما هو طاعة، وعائد نفعه على المسلمين، فإن المال الذي يكد الإنسان في جمعه، هو عطاء من ربه { كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا } (الإسراء:20)، { والله يرزق من يشاء بغير حساب } (البقرة:212). ولكن الرزق قد يكون نعمة على صاحبه، وقد يكون نقمة؛ فإن أنفقه في وجوه الخير كان نعمة، وإن بخل به، وسعى في كنزه وادخاره كان نقمة.