افي القرآن الحكيم آيات كثيرة تحث على الإنفاق بلفظ الإنفاق كما أن هناك آية ذكر فيها الخمس وآيات ذكرت فيها الزكاة وقال بعض العلماء: إن المراد بالزكاة مطلق أداء المال إلا إذا كانت هناك قرينة على الخصوصية (الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا مناً ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم). (وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية). (وأنفقوا في سبيل الله). (الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون). (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية) ذبح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم شاة، وأخذ يفرق لحمها حتى لم يبق منها شيء يذكر، فقالت إحدى زوجاته ــ وكانت حاضرة -: يا رسول الله: لم يبق منها إلا الرقبة، قال الرسول: لم يفن منها إلا الرقبة.
فما يصرفه الإنسان من ماله يفنى، أما ما يقدمه إلى الله سبحانه فهو الباقي، فليقدم الإنسان شيئاً من ماله ليبقى، وقد ذكر الله سبحانه: ( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له)، فالمال الذي يقدمه الإنسان إنما هو قرض لله سبحانه، ثم الله يضاعفه له، ويرجعه إليه، فهل ينتظر شيء اكثر من ذلك؟.
والذي أرى: أن المضاعفة والإرجاع ليسا في الآخرة فحسب، بل في الدنيا أيضاً، إذ المنفق يعطي باليمنى ويأخذ باليسرى، كما دلت على ذلك التجارب،
انه: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ينفق كل ما استطاع إنفاقه،) ينفق كل ما يجد، لنفسه حتى ومن اللازم: أن نقتدي نحن بهؤلاء الصفوة الكرام في الإنفاق والبذل، ويجب أن ننتهز فرصة المال، وفرصة القدرة، وفرصة الحياة، وسيأتي يوم لا نقدر حتى على إعطاء فقير، أو زيادة فتيل، وقد وردت أحاديث كثيرة في المواساة والإيثار، وفي القرآن الحكيم: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة).
ويلزم على الإنسان: أن لا يؤخر الأمر إلى غد وبعد غد، فلعل المنية توافيه بدون إخبار أو سابق إنذار، أو لم يقدر غداً على ما يقدر عليه اليوم؟، (وفإن الكرامة الاقتصادية توجب الكرامة الاجتماعية، وتقلص المكانة الاجتماعية يقلل من نفوذ أهل العلم في الناس. وبذلك يقل نفوذ الدين، وهذه خسارة كبرى يجب أن تعالج.أوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً)نقل عن رجل تركي: أن بعد سقوط أتاتورك، تألفت هيئة لأجل بناء المساجد، فجمعوا المال حتى بنوا مسجداً، وبعد أن بني وضعوا صندوقاً خيرياً في المسجد، وحثوا المصلين على أن كل واحد منهم يضع فيه شيئاً، ومن هذا الصندوق ــ ومن التبرعات الأخرى ــ بنوا مسجداً ثانياً، فوضعوا فيه صندوقاً أيضاً، ومن الصندوقين بنوا مسجداً ثالثاً، وهكذا.. قال: إن هؤلاء بنوا في تركيا مئات المساجد.