يشعر الإنسان المسن بإحساس خاص تجاه الموت، حتى وإن كان يتمتع بقوة جسمية وعقلية، حيث يدرك -أكثر من أي فترة من حياته- أن الموت كأس لا بد من تجرعه, وأن الفترة الباقية له في هذه الحياة مهما طالت قصيرة نسبيا وبالتالي يصبح الموت بمثابة اهتمام واقعي بالنسبة له وقد نجد المسنين يقومون ببعض الأعمال والنشاطات استعدادا لعملية الرحيل ويتضمن ذلك الانتهاء من عمل بعض الأمور العملية كتوزيع ثروته، بالإضافة إلى ثمة عمليات داخلية كمراجعة النفس، ومراجعة تاريخ حياته.
وقد يفترض أن المسنين كمجموعة يعيشون في مخاوف خاصة ترتبط بالموت، إلا أن نتائج بعض الدراسات أشارت إلى نقيض ذلك فدراسة ميونشيس Munnichs؛ "1966" أشارت إلى أن التوجهات الأكثر عمومية للأفراد الذين تجاوزوا سن السبعين، كانت تومئ إلى التقبل والإذعان لفكرة الموت، كما أن نتائج دراسة بنجستون وآخرين Bengston et al؛ "1977" دعمت النتائج السابقة، إذ أوضحت أن الأفراد المسنين كانوا أقل انشغالا واستغراقا في المخاوف المرتبطة بالموت إذا ما قورنوا بالأفراد الذين كانوا في منتصف العمر، ويبدو أن المخاوف المفرطة، أو إنكار الموت عند بعض الأفراد المسنين قد تشير إلى الفشل العام في التوافق مع جوانب القصور والعجز، والذي يكون بدوره مظهرا من مظاهر عدم النضج النفسي والإحساس بالانعزال والغربة عن الآخرين, ويشير إريكسون "1963" أن الخوف من الموت يرتبط كذلك بافتقاد تكامل الأنا، ويذهب دورلاك Durlak؛ "1972" إلى تدعيم وجهة نظر إريكسون بقوله أن المعدل المنخفض لخوف الموت يرتبط بالأفراد الذين شعروا بهدف الحياة وغرضها, وبالتالي حققوا نوعا من التكامل.
وبطبيعة الحال فمن الصعب أن نقيس بصورة دقيقة ما يشعر به الفرد من خوف شخصي تجاه الموت، حيث إن معظم الدراسات في هذا المجال تتكامل مع الاتجاهات التي يعبر عنها الأفراد في الاستبانات أو التي تظهر من خلال الوسائل الإسقاطية، وعدد قليل من الباحثين قد يتعامل