بحث مقدم من الطالبة / عفاف عدلى أحمد سلام
الوسواس القهري
إن وجود مريض بالوسواس القهري في الأسرة أمر مؤلم ومن الممكن أن يؤدي إلى تناثر الأسرة وتمزقها وسوء فهم خطير بين أفرادها، وكثيرا ما يتساءل أهل مريض الوسواس القهري عن كيفية التعامل معه أو معها، وكثيرا ما يخطئون في طريقة التعامل تلك خاصة عندما يكونون على غير وعي بحقيقة أنه مرض أو على غير وعي بطبيعة ذلك المرض، وفي هذا المقال يقدم لنا الدكتور محمد شريف سالم بعضا من أهم النصائح المفيدة لأهل المريض إضافة إلى إجابات على عديد من الأسئلة التي تواجه أفراد أسرة مريض الوسواس القهري.
.
1 - التدعيم:
وذلك بما يستطيع كل فرد من أفراد الأسرة عمله للتعامل مع الضيق المتكرر والمشاعر المتصارعة تجاه المرض والمريض. فهذا المرض يرهق ويؤذي مشاعر العائلة وربما يتخذون مواقف وسلوكيات مدمرة لمريضهم إما بالسخرية أو الإهمال أو العداء الصريح أو حتى منعه من العلاج.
2 - احصل على الحقائق:
وذلك بتعلم أقصى ما تستطيعه عن هذا المرض فإن القلق يتضاءل بتحصيل الحقائق والمعلومات عنه. ويمكنك الإطلاع على ذلك من خلال موقعنا.
3 - تخلص من اللوم:
إن الخجل والإحساس بالذنب ولوم النفس بين أفراد العائلة يعوق العلاج الجذري لهذا المرض، فقد لوحظ تعود الناس على لوم أسباب هذا المرض وإيعازها إلى التنشئة غير الكافية للأطفال أو وجود بيئة عائلية غير مستقرة والحقيقة أنه لا يوجد ثمة دليل على علاقة التفاعلات العائلية المبكرة بأسباب هذا المرض ولكن الحقيقة أن الوراثة والعوامل البيولوجية هي المتهمة الأولى في هذا المرض وليست الوحيدة ولا يجب أن تشعر العائلة بالخجل لهذا المرض أكثر مما يحدث لو كان المرض هو مرض السكر أو القلب أو أي مرض مزمن آخر.
4 - لا داعي لإخفاء المرض والمريض:
أو الخوف من ازدراء الآخرين باعتبارهم آباء سيئين أو إخوة أو أخوات وهنا لا تدع جهل الآخرين يُملي عليك مشاعر حول وجود مريض في عائلتك وتكلم بحرية مع هؤلاء الذين تعتقد أنهم قادرون على الفهم والدعم. وابدأ في تعلم المزيد حول المرض وشارك مع أفراد عائلتك في المعلومات التي تجدها عن المرض.
5 - دع الغضب:
تقبل حقائق عائلتك كما هي. حاول تغيير ما يمكن تغييره ولا يعني قبولك هذا ألا تفعل شيئاً ولكنه يعني أن تبذل الطاقة في إيجاد حل بدلا من بذلها في الغضب والرفض واستبدال الغضب بالمسامحة لابنتك ولنفسك فأنت لم تفعل شيئاً سببه لها المرض ولا تستحق ذلك فهو ببساطة مرض.
6 - سيطر على المشاعر التي يجب أن يفهمها الآخرون أيضاً:
فليس هناك أحد مجبر على أن يشعر أو يفعل كما تفعل أنت لمجرد أنك ترغب منهم ذلك. جهز نفسك بالحقائق والمعلومات والمواد التعليمية بمنزلك وشارك ما تعرفه من معلومات مع أفراد العائلة المهتمين بذلك دونما تهديد أو وعيد وبطريقة متدرجة.
7 - توقع وتقبل المقاومة:
بسبب قلة الفهم عن الأمراض النفسية فكثير من أفراد عائلتك لديهم قناعتهم المسبقة وأفكارهم عن أسباب الوسواس القهري. ولذا فيجب أن تتوقع "مقاومة" حتى لأفضل وأحدث مصادر المعلومات. يمكنك أن تحاول ولكن لا تتوقع أن تغير المواقف الحصينة هذه ويجب أن تقاوم أن ترى أقصى المواقف المضادة والأفراد المتحيزين لموقفهم على أنهم مخطئين أو "سيئين". فقط هم لم يتعلموا بعد ومع الوقت فبالصبر والمثابرة يمكنهم تغيير أشد المواقف الحصينة.
8 - كن مستمعا جيدا:
لا تحاضر. فأخوة الطفل المصاب بالوسواس القهري لديهم في أعماقهم أمور عميقة، مثل الغضب المكتوم والإحساس بالذنب والرفض وتلك تحتاج لإرشاد تخصصي. فبكلامك عن هذه المشاعر والتزود بالمعرفة عن المرض يجعلهم أكثر عرضة لمقاومة إبداء تعليقات مؤذية أو محرجة.
كيف يمكن لأفراد العائلة مساعدة المريض في البرنامج العلاجي:
1 - التواصل مع الفريق الطبي وفيما بينهم
استمر في التواصل ببساطة ووضوح واعلم أن أعراض مرض الوسواس القهري تتزايد وتتضاءل. ضع هذا في اعتبارك عندما يبدو المرض أشد مما هو معتاد. قلل من توقعاتك في الوقت الحالي وقم بتشجيع كل واحد في العائلة على التعبير عن مشاعره حول كيفية تأثر العائلة بالمرض. ومع الجميع يجب تذكر تلك الأوقات التي بدأ فيها المرض سيئاً ولكن بعد ذلك جرت الأمور إلى الأفضل.
2 - لا تشارك في الطقوس القهرية:
إن أحد الوسائل السلبية التي يزيد بها أفراد العائلة الاضطراب الذي يحدث بسبب سلوكيات الوسواس القهري داخل العائلة هو المشاركة فيه. فالمشاركة (والتي تدعى أيضاً "التمكين") هو وسيلة العائلة لجعل السلام "مستمرا" في مواجهة المتطلبات المستمرة للمريض وذلك للتخفيف السريع في حينه للقلق الوسواسي. وغالبا ما يعتبر "التمكين" هذا هو الخندق الأخير لأقل مقاومة للأفعال القهرية والتي هي خارج نطاق سيطرة العائلة ومسببة للتمزق داخلها. ومع ذلك فإن النتيجة (التي تعتبر كارثة) للتمكين من المشاركة في الطقوس الوسواسية هي تدعيم أعراض الوسواس القهري وتقويتها بسبب العائلة المنغمسة فيها.
وهذه وسائل المشاركة المعروفة في السلوكيات القهرية من قبل أفراد العائلة:
- الإجابة بـ "أنكِ مؤمنة وغير كافرة وأنكِ بكر" في كل مرة تطلب فيها التطمين وتكرر طلبه وسؤاله هل من الممكن ألا أكون بكر؟
- طمأنة المريضة (والذي يستغرق ساعات لتتأكد أنها على ما يرام) أو مساعدتها في طقوسها.
- تكرار طمأنتها بأنها لم تؤذِ نفسها أو غيرها.
- الاستسلام للمطالب المستمرة والمرهقة للمريض الذي يطلب الطمأنة باستمرار أن هذا الشيء "صحيح" أو لا بأس به أو مؤذى أو خطير.. وهكذا وحتى تصل إلى "الصحيح" فإن طلبه يتكرر مرات ومرات.
كيف نوقف "تمكين" الوسواس القهرى؟
هل يجب عليك فجأة التوقف عن الطمأنة والمشاركة في الطقوس؟ محتمل لا فالتوقف عن "المشاركة" بدون أن تجهز المريض لذلك قد يؤدي إلى قلق هائل وتمزق شديد لمشاعر المريض. وأفضل الخطط أن تتعاون على مخطط مع المريض قبل أن تبدأ في الانسحاب من هذه الطقوس. وأمثل الطرق لذلك هو الوقت الذي يكون فيه المريض مستعدا لبداية "البرنامج العلاجي" ويمكن هنا اللجوء لمساعدة الطبيب النفسي فهذا سيكون ذو فائدة كبيرة.
كيف تتعامل مع "الباحث عن التأكيد" الوسواسي ؟
البحث الوسواسي عن "التأكيد" هو في الواقع عرض مزعج لمرض الوسواس القهري والذي يقع في شباكه أفراد العائلة وهو يحدث في الترتيب الآتي:
1 - الوساوس المقلقة وتطفلها:
يعاني المريض من فكرة وسواسية والتي من الممكن أن تكون غالبا حول فكرة مخيفة أو غير مريحة مثل:
* السب على المقدسات وكل ما هو جليل في الدين الحنيف.
* الإحساس بالذنب تجاه ألعاب الطفولة.
*أفكار التشكيك في الدين والأفكار التي ُتخرج من الإيمان (في نظرك).
* الإحساس بأنكِ تعبدي شخص ما بسبب احترامه أو الاهتمام به.
* التساؤل عن أهمية الصلاة والصيام ووجود أفكار سيئة عنهما.
* الخوف من فقد العذرية.
* الخوف من غش وخداع زوج المستقبل.
* الخوف من نذر النفس وعدم القدرة على الزواج.
2 - صدمة ورجة القلق:
عندما تهجم الفكرة فإنها تسبب ضيقا شديدا وتحت وطأة القلق البالغ فإن المصابين بالوسواس القهري لا يملكون القدرة على تهدئة أنفسهم أو إزاحة هذا الضيق الذي تسببه الفكرة من خلال "الحديث المنطقي للنفس" أو "الانعكاس على النفس" بطريقة منتجة.
3 - الإلحاح على تهدئة التوتر:
بدلا من تهدئة النفس فإن هؤلاء المرضى يبحثون بإلحاح غير مسيطر عليه عن التهدئة في الحال من خارج أنفسهم على هيئة سؤال وضع لغرض التأكيد اللفظي وذلك لشخص موثوق في أنه سيريحهم أو لشخص مسئول.
4 - الحصول على التثبيت:
يقوم فرد من أفراد العائلة مستشعرا هذا القلق الشديد بتقديم التأكيد اللفظي والمعنوي لتهيئة هذا الشخص فمثلا يقول:" أنتِ لستِ كافرة" أو "أنتِ مازلتِ بكر" وبالرغم من هذا فإنه يجب تكرار ذلك مرات حتى يهدأ القلق الذي سببته الفكرة و يشعر مريض الوسواس بتحسن ولكن مؤقت.
5 - مرات ومرات أخرى:
وتبدأ الدائرة بعد ذلك. فإن هذا النموذج يصبح راسخا ومتأصلا ويصبح عادة مكتسبة لا يمكن كسرها إلا بالعلاج.
ولكي تتعامل فعلا مع الباحث عن التأكيد الوسواسي هذا هو جوهر العلاج المعرفي السلوكي وهذا ما سوف تتعلمه من الطبيب النفسي وإن كان لك أسئلة أخرى من الممكن عرضهاعلى الموقع ونحن معك بقلوبناوعقولنا ونتمنى لكَ ولابنك أو ابنتك كل سعادة وعافية.