فاطمة حمدى حسن المشرف المميز
عدد المساهمات : 3178 تاريخ التسجيل : 21/02/2013 العمر : 41
| موضوع: المادة التى خلق منها الإنسان . الإثنين 14 يوليو 2014 - 0:05 | |
| المادة التي خلق الله منها الإنسان
د. خلاف الغالبي ـ المغرب تشير الكثير من الآيات القرآنية إلى قيمة التدبر في هذا الكون والتفكير فيه وتدعو إلى النظر والبحث والتنقيب عن أسرار الحياة وبداية الخلق، يقول تعالى: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الله الخلق) العنكبوت 20، وقد اهتم القرآن بشكل كبير بخلق الإنسان وهو بعد في بطن أمه وهي بحق آية وغاية في الإعجاز بحيث أسالت الكثير من المداد وكانت وراء هداية مجموعة من العلماء غير المسلمين وأوبة عدد من علماء المسلمين.
لكن الذي استرعى انتباهي وشد تفكيري هو ذلك الاهتمام الكبير بالمادة التي هي أصل الإنسان (أي المادة التي خلق منها آدم قبل نفخ الروح)، وقد تنبه غيري من الباحثين لهذا الأمر أيضاً: يقول الدكتور عبداللطيف حموش: (لقد أولى القرآن اهتماماً كبيراً لقصة خلق آدم وأفرد لها العديد من الآيات الكريمة)، وبتعدد الآيات الواردة في هذا الموضوع تعددت المفرادات والمصطلحات التي تم التعبير من خلالها عن المادة التي خلق الله منها الإنسان، يقول موريس بوكاي: (.. إذا الإنسان قد كون من المواد الموجودة في الأرض وينبثق هذا المبدأ بجلاء تام من عدة آيات حيث إن المواد المكونة قد جرى التعبير عنها بأسماء مختلفة..) هذه الأسماء هي: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الأرض: يقول تعالى: (هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم) النجم 32.
التراب: يقول تعالى: (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) آل عمران 59، جاء في المعجم الوسيط: التراب: ما نعم من أديم الأرض: والتربة: جزء الأرض السطحي الصالح لأن يكون مهداً للنبات، وجاء في لسان العرب: تربة الأرض: طاهرها.
الطين:
يقول تعالى: (فاستفتهم أهم أشد خلقاً أم من خلقنا إن خلقناهم من طين لازب) الصافات 11، ويقول أيضاً: (ولقد خلقنا الإنسان من سلاله من الطين) المؤمنون 12، جاء في المعجم الوسيط: الطين: التراب المختلط بالماء، وقد يسمى بذلك وإن زالت عنه رطوبة الماء، وجاء في لسان العرب: الطين: الوحل، والطي اللازب: الطين اللزج أو اللاصق، أما قوله تعالى: (سلالة من طين) فقال قتادة: استل آدم من طين فسمي سلالة.
الصلصال:
يقول تعالى ـ في سورة الرحمن الآية 14: (خلق الإنسان من صلصال كالفخار) والصلصال كما جاء في لسان العرب: هو الطين اليابس الذي يصل من يبسه أي يصوت وجاء أيضاً: الصلصال من الطين ما لم يجعل خزفاً، وقال الجوهري: الصلصال الطين الحر خلط برمل فصار يتصلصل إذا جف فإذا طبخ بالنار فهو الفخار.
الحمأ:
جاء في سورة الحجر الآية 26 قوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون)، جاء في مادة الحمأ: والحمأ والحمأ: الطين الأسود المنتن، وجاء في مادة سنن: المسنون: المصور، أو المملس أو المنتن، وقوله تعالى: (من حمأ مسنون) قال أبو عمرو: أي متغير منتن، وقال بن عباس: هو الرطب، وقال أبو عبيدة: المسنون المصوب، ويقال: المسنون المصوب، ويقال: المسنون المصبوب على صورة، وسننت التراب صببته صباً سهلاً.
وقد تكررت هذه المفردات الخمس (الأرض، التراب، الطين، الصلصال، والحمأ) في عدة آيات، فخلق الإنسان من الأرض تم ذكره أو الإشارة إليه في أربع آيات، وكلمة تراب وردت في ستة مواضع، وكلمة طين جاءت في ثمان آيات، في حين وردت مفردة حمأ في ثلاث آيات، أما كلمة الصلصال فوردت في أربعة مواضع.
كيف تعامل الباحثون والمفسرون مع هذا التعدد في المفردات:
لقد اختلف المفسرون والباحثون الذين تطرقوا لآيات خلق الإنسان (أصل الإنسان) في تعاملهم مع هذا التنوع والتعدد في الكلمات والمفردات التي أوردها القرآن الكريم بشأن المادة الترابية التي خلق الله منها آدم:
أ ـ فمنهم من لم يستوقفه هذا التعدد في الكلمات فمر عليه مرور الكرام وأكتفي بالإشارة إلى أقوال المفسرين في معاني هذه الكلمات، فهذا ابن كثير يقول في تفسير قوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون) الحجر 26: (قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: المراد بالصلصال هنا التراب اليابس والظاهر، وعن مجاهد أيضاً (الصلصال) المنتن.
وتفسير الآية بالآية الأولى ـ وقوله: (من حمأ مسنون) أي الصلصال من حم، وهو طين والمسنون الأملس، وروي عن ابن عباس أنه قال: هو التراب الرطب...).
ب ـ ومنهم من اعتبر هذه الكلمات مترادفات تفيد نفس المعنى، يقول طلال غزال: (ولا ضير أن من علقة أو من نطفة وجميعها تؤدي نفس المعنى)
ج ـ وفريق ثالث أشار إلى أن هذه المصطلحات هي أسماء لعناصر مختلفة
وجعل خلق الإنسان من جميع هذه العناصر، يقول وهبة الزحيلي ـ في تفسير سورة الرحمن: (وقد تنوعت عبارات القرآن في بيان هذا، باعتبار مراتب الخلق)، (من تراب) ، (من حمأ مسنون) أي طين متغير، أو (من طين لازب) أي لاصق باليد (من صلصال) فهذا إشارة إلى أن آدم ـ عليه السلام ـ خلق أولاً من التراب ثم صار طيناً ثم حمأ مسنوناً، ثم لازباً ثم كالفخار فكأنه خلق من هذا ومن ذاك ومن ذلك).
د ـ وفريق آخر خلص إلى وجود نوع من التطور أو التحول طرأ على المادة الأصلية التي خلق الله منها الإنسان حث مرت هذه المادة بمراحل مختلفة:
*يقول الشيخ نديم الجسر ـ في تفسير قوله تعالى: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا): (يكثر القرآن من ذكر الدواب والإنسان ليذكر هذا الإنسان المقصود بالهداية بأنه (أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا)، ويستنتج من هذا استنتاجاً بدهيا سهلاً أنه (حادث)، ليخرج من هذه البداهة الأولى إلى نتيجة بدهية ثانية: هي أن المادة التي حدث منها (الإنسان) لا بد أن تكون حادثة لأنها قبلت (التغير)، والقديم لا يتغير...).
*ويقول موريس بوكاي ـ في حديثه عن ماهية التراب الذي تكون منه الإنسان انطلاقاً من قوله - عز وجل -: (الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين) السجدة 7. (وعلينا أن نتوقف قليلاً عند ذكر بداية الخلق، بدأ بالطين من الواضح أنه إذا كان القرآن الكريم قد ذكر هنا بداية الخلق ذلك أن مرحلة ثانية ستتبعها).
*أما سيد قطب فيقول في تفسير الآية السابقة: (فالتعبير قابل لأن يفهم منه أن الطين كان بداءة وكان في المرحلة الأولى ولم يحدد عدد الأطوار التي تلت تلك المرحلة ولا مداها ولا زمنها، فالباب مفتوح لأي تحقيق صحيح، وبخاصة حين يضم النص إلى نص القرآني الآخر في سورة المؤمنون: (خلق الإنسان من سلالة من طين)، فيمكن أن يفهم منه إشارة إلى تسلسل في مرحلة النشأة الإنسانية يرجع أصلاً إلى مرحلة الطين)، ويقول في تفسير قوله تعالى: (خلق الإنسان من صلصال كالفخار): (..والصلصال: الطين إذا يبس وصار له صوت وصلصلة عند الضرب عليه، وقد تكون هذه حلقة في سلسلة النشأة من الطين أو من التراب).
* كما جاء في تفسير الكشاف للزمخشري ـ في تفسير قوله تعالى: (خلق الإنسان من صلصال كالفخار): (... فإن قلت: قد اختلف التنزيل في هذا، وذلك قوله ـ عز وجل ـ: (من حمأ مسنون)، (من تراب)، قلت: هو متفق المعنى ومفيد أنه حلقه من تراب جعله طيناً ثم حمأ مسنوناً، ثم صلصالاً).
* وهو نفس المعنى الذي أورده القرطبي في تفسير الآية السابقة حيث يقول : وقال هنا: (من صلصال كالفخار)، وقال هناك: (إنا خلقناهم من طين لازب)، وقال: (كمثل آدم خلقه من تراب)، وذلك متفق المعنى، وذلك أنه أخذ من تراب الأرض فعجنه فصار طيناً، ثم انتقل فصار كالحمأ المسنون، ثم انتقل فصار صلصالاً كالفخار).
خلاصة:
من خلال الآيات والنصوص التي أوردناها نستطيع القول بأن المادة الترابية التي خلق منها الإنسان قد مرت بثلاث مراحل هي:
1 ـ المرحلة الطينية: وهي المرحلة الأولى حيث يستفاد من آية سورة السجدة أن بداية الخلق كانت من مادة الطبدأ خلق الإنسان من طين)، هذا الطين يتميز بخاصية وصفة اللزوجة (طين لازب) كما هو واضح في آية سورة الصافات.
2 ـ المرحلة الحمئية: وهي ثانية المراحل حيث تحول الطين إلى مادة أخرى مشتقة منه هي الحمأ أي الطين المتغير أو الطين المنتن كما سبق ورأيناه.
3 ـ المرحلة الصلصالية: وهي المرحلة الثالثة والأخيرة في هذه السلسة حيث انتقلت مادة الحمأ المسنون ـ كما جاء في سورة الحجر ـ على صلصال وتخبرنا آية سورة الرحمن أن هذه المادة الصلصالية تشبه مادة الفخار وهو الطين الذي تم طبخه وشيه كما ورد في فقرة سابقة. | |
|
روضة الهادي عضو ملكي
عدد المساهمات : 1811 تاريخ التسجيل : 01/01/2012 العمر : 42
| موضوع: رد: المادة التى خلق منها الإنسان . السبت 19 يوليو 2014 - 11:29 | |
| ما شاء الله مجهود جبار يا بطه جزاك الله خيرا وزادك الله من علمه | |
|
فاطمة حمدى حسن المشرف المميز
عدد المساهمات : 3178 تاريخ التسجيل : 21/02/2013 العمر : 41
| موضوع: رد: المادة التى خلق منها الإنسان . الإثنين 21 يوليو 2014 - 21:50 | |
| - روضة الهادي كتب:
ما شاء الله مجهود جبار يا بطه جزاك الله خيرا وزادك الله من علمه ويجزيكى وأكتر حبيبتى ويسعدك . | |
|
خالد السيد نائب المديرالعام
عدد المساهمات : 5741 تاريخ التسجيل : 19/05/2010
| موضوع: رد: المادة التى خلق منها الإنسان . الثلاثاء 22 يوليو 2014 - 1:06 | |
| معلومات قيمة
بارك الله فيكِ يافاطمة
| |
|
فاطمة حمدى حسن المشرف المميز
عدد المساهمات : 3178 تاريخ التسجيل : 21/02/2013 العمر : 41
| موضوع: رد: المادة التى خلق منها الإنسان . الثلاثاء 22 يوليو 2014 - 12:19 | |
| - خالد السيد كتب:
معلومات قيمة
بارك الله فيكِ يافاطمة
ويبارك فيك ويسعدك فى الدارين معلمنا . | |
|
اسماء سليمان شاعرة المنتدى
عدد المساهمات : 1206 تاريخ التسجيل : 26/03/2014
| موضوع: رد: المادة التى خلق منها الإنسان . الإثنين 28 يوليو 2014 - 4:53 | |
| بارك الله فيكي يا فاطم .. في ميزان حسناتك إن شاء الله | |
|
فاطمة حمدى حسن المشرف المميز
عدد المساهمات : 3178 تاريخ التسجيل : 21/02/2013 العمر : 41
| موضوع: رد: المادة التى خلق منها الإنسان . الأحد 3 أغسطس 2014 - 23:17 | |
| - اسماء سليمان كتب:
- بارك الله فيكي يا فاطم .. في ميزان حسناتك إن شاء الله
ويبارك فيكى ويسعدك حبيبتى . | |
|