علم النفس الإكلينيكي..
علم النفس الإكلينيكي هو أحد المجالات التطبيقية الهامة لعلم النفس وهو يعنى أساسا بمشكلة التوافق الإنساني بهدف مساعدة الإنسان ليعيش في سعادة وامن خاليا من الصراعات النفسية والقلق.
ولكي يستطيع علماء النفس الإكلينيكيون القيام بدورهم في دراسة اضطرابات السلوك وفهمها وعلاجها، فإنهم يدربون عاده تدريبا خاصا في مجالات ثلاثة رئيسيه::_
المجال الأول::_ هو قياس الذكاء والقدرات العقلية العامة لمعرفة القدرة الحالية للفرد أو إمكاناته العقلية في المستقبل.
المجال الثاني::_ هو قياس الشخصية ،ووصفها ، وتقويمها، وتشخيص السلوك الشاذ بفرض معرفة ما يشكو منه الفرد والظروف المختلفة التي أحاطت به وأدت إلى ظهور مشكلته مما يساعد على فهمها ويمهد الطريق إلى إرشاد الفرد وعلاجه.
المجال الثالث::_ هو العلاج النفسي بأساليبه وطرقه المختلفة التي ترمي إلى تخليص الفرد مما يعانيه من اضطراب وسوء توافق. وإلى جانب هذه المجالات الثلاثة الرئيسية التي يعمل فيها علماء النفس الإكلينيكيون فإنهم يقومون أيضا بأدوار أخرى هامه .
وعلم النفس الإكلينيكي علم حديث نسبياً وهو لا زال في دور النمو والتطور ولقد تأثر نشوئه بمجالين هامين من مجالات الدراسة ::_
المجال الأول ::_ هو دراسة الإظطرابات النفسية والعقلية والتخلف العقلي التي كانت تحظى باهتمام كثير من الأطباء الفرنسيين والألمان مثل لويس روستان ، وحان شاركو ، واميلين كريبلن ، وارنست كرتشمر ، وبيرحانيه وغيرهم.
المجال الثاني ::_ هو دراسة الفروق الفردية التي حظيت باهتمام فرانيس حالتون ، وجيمس ماكلين كاتل ، والفرد بنيه ، وثيوفيل سيمون ومن جاء بعدهم من علماء النفس الذين اهتموا ببناء الاختبارات النفسية واستخدامها في أغراض تطبيقيه كثيرة.
مر علم النفس الإكلينيكي في تطوره بمراحل مختلفة ، فقد كان اهتمام علماء النفس الإكلينيكيين قبل الحرب العالمية الثانية مقتصرا في الأغلب على دراسة مشكلات الأطفال وكانت وظيفتهم الرئيسية هي دراسة حالة الأطفال المشكليين وتطبيق الاختبارات النفسية عليهم لقياس قدراتهم العقلية بغرض تقديم بعض التوصيات للآباء أو المدرسين أو الأطباء المعالجين أو المؤسسات المسئولة .
وحدث تطور كبير في علم النفس الإكلينيكي أثناء الحرب العالمية الثانية وبعدها فقد تسببت الحرب في كثرة عدد المصابين باضطرابات نفسية ووجد الأطباء أنهم لا يستطيعون لقلة عددهم مواجهة أعباء العلاج النفسي لهذا العدد الضخم من المصابين باضطرابات نفسية مما أدى إلى زيادة الاهتمام بعلماء النفس الإكلينيكيين والالتجاء إليهم ليساهموا في علاج المصابين باضطرابات نفسية .
وهكذا بدأ علماء النفس الإكلينيكيون يهتمون بالعلاج النفسي بعد أن كان معظم اهتمامهم مقتصرا من قبل على العلاج النفسي للأطفال. ولقد خرج علم النفس الإكلينيكي من كونه ( ميدانا فرديا ) لينعزل في عيادة مهجورة وانتقل بالعلاج والتشخيص إلى العائلة والمصنع والقرية والمدرسة والسلوك بأكمله والبيئة بكل ما فيها من قطاعات ومشكلات فأصبح ميداناً يتناول الجماعة ككل باعتبارها الأرضية الأولى التي تمنح الفرد (المرض ، أو تعطيه الصحة والاستقرار).
وقد تطورت الروابط والعلاقات بين علم النفس الإكلينيكي والطب، وعلم الأعصاب، والجراحة، والكيمياء ، والخدمة الإجتماعيه ، والاقتصاد ، وعلم الاجتماع ،والفسيولوجيا ، والانثروبولوجيا أكثر من أي وقت مضى واتسعت مجالات البحوث العلمية النظرية فيها والمجالات التطبيقية والتجريبية بشكل مدهش وطريف.
وقد ولدت هذه التطورات بمجموعها تقاربا ملحوظا بين النزعة التحريرية السلوكية وبين النزعة الإكلينيكية ، وزودت الاتجاه السلوكي المعاصر برؤيا جديدة ابعد مدى من( المثير والاستجابة) وأكثر مرونة واتساعا وعمقاً.