أيام رمضان مرت سراعا ! أيها الحبيب وداعا وداعا!!
ها رمضان يوشك أن ينتهي ،هذا الضيف الكريم يوشك أن يرحل عنا ،من الناس من أحسن وفادته ،ومن الناس من أكرم زيارته ،ومن الناس من أجمل ضيافته ،ومن الناس من رحل عنه رمضان وهو يحمل له أسوء الذكريات .
إعلانات رمضان قبل الرحيل:
ها رمضان يوشك علي الرحيل ،يعلن فينا أن كل شئ إلي فوات ،وكل جمع إلي شتات ،وكل حي إلي موات ،وأن الله عز وجل يجمع الناس كل الناس ليوم لا ريب فيهرَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (آل عمران9) .
أيا شهر الصيام فدتك نفسي تمهل بالرحيل والانتقال
أتلقاني مع الإحياء حيا أم انك تلقاني في اللحد بالي
وتلك طبيعة الأيام دوما فراق بعد جمع واكتمال
إن هذا الشهر الكريم يعلن فينا أنه لا قيمة إلا بالإيمان ،ولا نجاة إلا بالتقوى ،ولا فوز إلا بالطاعة ،ولا ينال الدرجات العلا إلا رجل مجاهد ينصر العقيدة ،ويحمي الحق ،ويجابه الباطل ،إذا قرأ عليه القرآن فانه يسمع ،وإذا نودي بالإسلام فانه يجيب ،وإذا نودي بالإيمان فإنه يلبي ،إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (النور51) ، رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ (آل عمران193) ،يوشك رمضان علي الرحيل وقد ضرب الله عز وجل لنا طريقا إليه نسلكه ،ونتعبد إلي الله فيهوَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(الأنعام153) ،وهناك حبل طرفه بأيديكم والطرف الأخر بيد اللهوَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (آل عمران103( حبل الله المتين ،وصراطه المستقيم ،ودستوره الحكيم ،ونوره المبين ،من قال به صدق ،ومن عمل به أجر ،ومن حكم به عدل ،ومن تركه من جبار قصمه الله ولا يبالي ،القرآن الذي أنزل في شهر رمضان هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (البقرة185) القرآن مجد الأمة ،وعز الأمة ،ومكانه الأمة ، لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (الأنبياء10) ،كتاب فيه مجدكم ،فيه عزكم ،فيه كرامتكم ،فيه حياتكم ،فيه تاريخ أمتكم ، فلماذا نركن إلي الذلة وبأيدينا العزة ؟ ولماذا نسلك طريقا معوجا ولدينا طريقا مستقيما .
احترس ..!!إياك أن تعبد رمضان!اعبد رب رمضان:
يوشك رمضان علي الانتهاء فمن كان يعبد رمضان فإن رمضان يوشك علي الإنهاء ،ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (النحل96) ،الذين صبروا علي الطاعة ،صبروا علي العبادة ،صبروا علي الصيام ،صبروا علي القيام ،صبروا علي تلاوة القرآن ،صبروا لا صبر الاستسلام وإنما صبر الاستعلاء ،لا صبر القعود إنما صبر النهوض ،لا صبر الخمول والكسل إنما صبر النشاط والعمل ،قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (الزمر10) أي يغرف لهم من الحسنات غرفا
الاستقامة المنشودة :
استقيموا علي الطاعة ،الإمام يدعوكم في اليوم خمس مرات في الصلوات استقيموا يرحمكم الله ،هل تستقيم هنا فقط ؟كلا!! ،تستقيم في بيتك ،تستقيم في عملك ،تستقيم في سفرك ،في يسرك وعسرك ،في صحتك و مرضك ،في حلك وترحالك ،في قوتك و ضعفك ،في غناك وفقرك،تستقيم علي منهج الله ،وعلي سنه رسول الله ،فالله عز وجل فتح لنا بابه واستضافنا في بيته ،وشرفنا بالمثول بين يديه ،تلتقي وجوهنا فتلتقي في الحياة أمالنا ،تتصافح أيدينا فتتصافح قلوبنا ،تستقيم صفوفنا فتستقيم في دنيا الناس مناهجنا ،تتوحد قبلتنا فتتوحد غايتنا ،نعبد ربا واحد ،ونقرأ كتابا واحد ،ونتبع رسولا واحد،ونتجه إلي قبلة واحده ،وصدق الله وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (المؤمنون52) ،أي وحده أفضل من هذه الوحدة ،الإسلام جمعنا من شتات ،وأحيانا من موات ،وهدانا من ضلالة ،وعلمنا من جهالة ،فلما نفرط فيه؟ ولما لا نستقيم علي أمرة؟
كان النبي صلي الله عليه وسلم يجلس مع صحبة الكرام فقال لهم شيبتني هود وأخواتها ، قيل يا رسول الله ما شيبك في هود ،قالفَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(هود112) ،أستقم كما أمرت ،تلك التي شيبت النبي صلي الله عليه وسلم ، إنها الأمانة ،إنه طريق طويل ،وعبادات مستمرة ،تعبد ربك ليس في المسجد فقط ،وليس اليوم فقط ،وإنما في كل مكان تطأه بقدمك ،وتحياه بروحك ،لا ينفع أن ننتقي من العبادات فنأخذ ونترك ،وإنما الإسلام منهج حياة شامل لكل زمان وكل مكان أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(البقرة85) .
الاستقامة علي أمر الله وعلي طاعة الله في رمضان وبعد رمضان ،العبد عند قدومه علي ربه وقت الاحتضار يحيطه البعيد والقريب ،الحبيب والطبيب ،الأخ والصديق ،لكن هل يستطيع أحد أن يضف إلي عمرة شئ؟ أو أن يزيد من رزقه شئ؟ أو يعيد روحه التي سلبت؟ كلا!! يقول الله عز وجل فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ(الواقعة86:83) ،في وقت الاحتضار يحتاج المحتضر إلي من يثبته عند الموت ،ومن يطمئنه علي من خلف ،ومن يبشره بما هو قادم إليه ،المؤمن المستقم علي أمر الله يبعث الله له ملائكة كرام ،تثبته عند السؤال ،وتطمئنه علي الأولاد ،وتبشره بما هو آت، إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ(فصلت32:30) بل إن الملائكة لتأخذ العبد المستقيم علي أمر الله من يديه وتدخله الجنة ،وتهنئه بالفوز بالجنة والنجاة من النار، وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ(الرعد24:23) ،ما أجمل العبادة ،وما ألذ الطاعة ،من جرب لذة الطاعة هل يعود إلي مرارة العصيان؟ كيف؟!! ،تنتهي آلم العبادة ويبقي عند الله أجرها وتنتهي لذة المعصية ويبقي عند الله وزرها ،هل نعود إلي الضلال بعد الهدي؟ هل نعود إلي الظلام بعد النور؟ كلا!! وإنما يجب أن نستقم علي أمر الله .
العودة إلي الصفر الممقوت :
ضرب الله مثلا في القرآن لامرأة حمقاء كانت في مكان بين مكة والطائف ،كانت تغزل الصوف وكان معها فرق عمل من النساء والفتيات ،كن يغزلن معها ،وكانت تصنع شيئا من الصوف عجيبا وجميلا ،كانت تغزل حتى إذا انتصف النهار فكت ما غزلته ،ونقضت ما صنعته ،أعادته كما كان ،وكأن شئ لم يكن ، وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (النحل92) ،الذي كان يتلوا القرآن ثم يهجره بعد رمضان فقد نقض غزله ، والذي وصل رحمه ثم قطعه بعد رمضان فقد نقض غزله ،هذه الوجوه التي سجدت لله في رمضان يجب أن لا تتجه لغير الله بعد رمضان ،هذه العيون التي بكت من خشيه الله في رمضان يجب أن لا تنظر إلي الحرام بعد رمضان ،لا تتتبع النظرات الخائنة وإنما تنظر إلي عجيب صنع الله ،هذه البطون التي صامت عن الحلال في رمضان يجب أن لا تقترف الحرام بعد رمضان ،هذه الأقدام التي سعت إلي بيوت الله في رمضان يجب أن لا تسعي في الفساد والإفساد في الأرض بعد انقضاء رمضان ، هذه اليد التي كانت ممرا لعطاء الله ، تنفق وتعطي في رمضان ، لا يجب أن تبطش وتسرق وتختلس ، بعد رمضان .
كيف أصبحت ؟
)لهذا قال حارثة للنبي صلي الله عليه وسلم و قد سأله كيف أصبحت يا حارثة؟
قال أصبحت مؤمنا حقا قال النبي صلي الله عليه وسلم إن لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانك
قال: عزفت نفسي عن الدنيا فاسهرت ليلي و أظمأت نهاري ،و كأني أنظر إلى عرش ربي بارزا و إلى أهل الجنة يتزاورون فيها والى أهل النار يعذبون فيها فقال عبد نور الله قلبه ، يا حارثة عرفت فألزم).
إنها الاستقامة علي الإيمان ، الاستقامة علي الطاعة ، علي منهج الله وسنة رسول الله قال حارثة بعد الموقف يا رسول الله ادعوا الله أن يرزقني الشهادة ، فدعا الله له فرزق الشهادة في حرب مع الكفار ،قتل تسعة ثم استشهد فكان عاشرهم .
عن أنس بن مالك أن حارثة بن سراقة قتل يوم بدر في النظارة أصابه سهم فقتله فجاءت أمه فقالت يا رسول الله أخبرني عن حارثة ؟ فإن كان في الجنة صبرت وإلا فليرين الله ما أصنع - تعني من النياحة - وكانت لم تحرم بعد فقال لها الرسول : (ويحك أهبلت ؟ إنها جنان ثمان وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى) .صحيح .
إخوة الإسلام والتكافل :
الإسلام جمعكم فلماذا تتفرقون؟ الإسلام وحدكم فلماذا تتشتتون؟ الإسلام وجهكم إلي الطريق المستقيم فماذا تحيدون؟ وهذه الإخوة التي نحياها في هذا الشهر الكريم لماذا نتخلى عنها بعد رمضان؟ ،إن الله يحبها إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (الحجرات10) ،ورسول الله أمرنا بها ،عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة) رواه البخاري ومسلم وأبو داود .
هذا الإخاء يجب أن ينمي بعد رمضان بالحب والعطاء ،بالبذل والوفاء ،بالتعاون علي البر والتقوى لا علي الإثم والعدوان .
نعمة من الله عظيمة أن بلغتم رمضان فاشكروا الله.... غيركم تنموا ذلك لكن حيل بينهم وبين ما يشتهون جاء أجلهم ،وانقضت أعمارهم ،وانقطعت أرزاقهم .... كم مات من الآباء والأجداد ،كم مات من الأبناء والأحفاد ،كم من صديق شيعناه ،وكم من قريب ودعناه ،وكم من حبيب في قبره وضعناه ،وكم من عزيز تحت الثري واريناه ، كانوا يتمنون أن يبلغوا رمضان لكن وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (ق19) .
يا من بلغتم رمضان هل أديتم حقه؟ هل صمتم إيمانا واحتسابا؟ هل قمتم إيمانا واحتسابا؟ هل هل عشنا ليله القدر كما ينبغي؟ :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه . ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه . ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) .متفق عليه.
تخلص من ذنوبك وأضف إلي عمرك ما يقرب من علي ثلاثة وثمانون عاما من العبادة والطاعة واستمتع مع الملائكة المكرمين الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ،وكن في هذه الليلة (ليلة القدر)مع الروح جبريل عليه السلام أمين وحي السماء وشديد القوى ،وتنسم السلام الحقيقي الذي لا فزع فيه ولا قلق فيه ولا خوف معه .. إنها ليلة القدر يقول الله عز وجلإِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ(القدر5:1) .من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه(متفق عليه)
إعلان آخر مميز :
يوشك رمضان علي الانتهاء ،وهو يعلمنا أن القلب المعمور بالإيمان ،المنساق إلي الحق ،المنطلق إلي الصواب ،لا يخرج منه إلا ما ينفع البلاد والعباد ،لا يخرج منه إلا ما يعبد الطريق إلي الله ،لا يخرج منه إلا ما يرعي العهود ،الذين يتعاونون في رمضان علي البر والتقوى ،يجمعون الزكوات ،ويوزعونها علي الفقراء والمساكين ،يقيمون تكافلا لأفراد المجتمع غير القادرين فيمثلون حلقة الوصل بين الأغنياء والفقراء ،إنهم يبغون الأجر من الله ،يعتزون بإسلامهم ويفرحون بطاعة ربهم ،فيرفع الله أعمالهم ،ويصعد إلي الله كلمهم الطيب ، مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ (فاطر10) ،ويقول النبي صلي الله عليه وسلم (أحب الناس إلي الله أنفعهم للناس ،وأحب الأعمال إلي الله سرور تدخله علي قلب مسلم ،تكشف عنه كربه أو تطرد عنه جوعا ،أو تقضي عنه دينا)حسن صحيح .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ،ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ،ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ،والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ،ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ،وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة ونزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه) رواه مسلم .
طوبي لهؤلاء..! هل أنت منهم ؟
فطوبي لشاب نشأ في طاعة لله ،وطوبي لرجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ، وطوبي لفتاة أمرت بالحجاب فقالت لبيك يا الله ،وطوبي لامرأة أطاعت زوجها وصامت شهرها وصلت خمسها حبا في الله ،وطوبي لمن أطعم أفواها ،وكسي أجسادا ،ورحم أيتاما ، ووصل أرحاما ،ونصر مظلوما يس من اجل رمضان وإنما من اجل الله، فهو يعلم أن الأمر من عند الله " .. فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "(البقرة185 )... ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) صحيح وينتظر الأجر من الله ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل عمل بن آدم يضاعف له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله سبحانه إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به قال الشيخ الألباني : صحيح
جهاد مستمر :
جاهدوا أنفسكم ، وجاهدوا الخلوف المترددة ، المتقلبة ، بالنصيحة ، و بالحكمة والموعظة الحسنة ،ففي ذلك دليل الإيمان: عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل . رواه مسلم
تسامحوا وتصافحوا ، تعاونوا علي البر والتقوى لا علي الإثم والعدوان ، صلوا الأرحام ، وارحموا الأيتام ، تخلقوا بأخلاق الإسلام ، اللهم تقبل منا رمضان ، اللهم كما سلمت لنا رمضان تسلمه منا متقبلا اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل ، ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، وصلي الله علي محمد وعلي أهله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.
خميس النقيب
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]