"العشق الإلهي"
رابعة العدوية
(1)
أحبك حبين حب الهوي وحباً لأنك أهل لذاك.
فأما الذي هو حب الهوي فشغلي بذكرك عمن سواك.
أما الذي أنت أهل له فكشفك لي الحجب حتي أراك.
فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي ولكن لك الحمد في ذا وذاك.
(2)
* إلهي أنارت النجوم، ونامت العيون، وغلَّقت الملوك أبوابها، وخلا كل حبيب بحبيبه، وهذا مقامي بين يديك.. إلهي هذا الليل قد أدبر، وهذا النهار قد أسفر، فليت شعري أقبلت منى ليلتي فأهنأ، أم رددتها على فأعزى، فوعزتك هذا دأبي ما أحييتني وأعنتني، وعزتك لو طردتني عن بابك ما برحت عنه لما وقع في قلبي من محبتك.
(3)
وقيل أيضاً : إن سفيان الثوري قال لها ذات يوم : « صفي لي درجة ايمانك واعتقادك باللّه جلّ وعلا ، فقالت رابعة : إنّي لا أعبد اللّه شوقاً إلى الجنة ، ولا خوفاً من جهنم ، وإنما اعبده لكمال شوقي إليه ، ولاداء شرائط العبودية »
(4)
قصيدة راحتي في خلوتي.
راحتي يا أخوتي في خلوتي
وحبيبي دائماً في حضرتي
لم أجد لي عن هواه عوضاً
وهواه في البرايا محنتي
حيثما كنت أشاهد حسنه
فهو محرابي إليه قبلتي
إن أمت وجداً وماثم رضا
واعناني في الورى وشقوتي
يا طبيب القلب يا كل المنى
جد بوصل منك يشفي مهجتي
يا سروري وحياتي دائماً
نشأتي منك وأيضاً نشوتي
قد هجرت الخلق جميعاً ارتجي
منك وصلاً فهل أقضي أمنيتي
ورد في كتاب " أعلام النساء المؤمنات"
مُحَمَّد الحَسُّونْ و اُم عَلي مَشكُور
الصادر عن دار الأسوة للطباعة والنّشر/إيران بعض قصائد رابعة العدوية :
يـا خليّ البال قد حـرت الفكـر * صمّ عـن غيرك سمعي والبصر
هجـت نـار الحبّ فـي وجنتنا * لـن لنـا قلبـاً قسيـاً كـالحجر
أرجـع النظــرة فينـا مـقبلاً * لا تـركنـا كـهشيم المحتضـر
لـيس ينجيني مـن الغم سـوى * أجـل جـاء وأمـر قـد قـدر
ضجّت النفس مـن الموت أسـى * قلتها كوني كمن يهـوى السفر
إنّمـا فيهـا نـزلنـا عـابـرين * لـيست الدنيـا لنـا دار مـقر
مـضت النـاس علـى قنطـرة * أنـت تـمضين عليهـا بـحذر
لا منـاص اليـوم ممّـا نـزلت * فتنـاديــن بهـا أيـن المفـر
فامسكي بالعروة الوثقـى التـي * إن تـمسكتِ بهـا تَلقـي الظفر
سادة قـد طـابت الأرض بهـم * حيث ما ينحون من رجس طهـر
في دجى الليل الغواشي المظلـم * بعضهم شمس وبـعض كـالقمر
في سماء المجد أبدوا مشـرقين * أنـجم تعـدادهـا اثنـي عشـر
هـم أمـان الخلـق طـرّاً كلمّـا * غـاب نجـم مـنهم نجم زهـر
هم عمـاد الـدين أنـوار الهدى * مَـن تولاهـم نجى مـن كلّ شر
هم ولاة الأمـر بعـد المصطفى * بـولاهـم كـلّ ذنـب يغتفــر
عن صراط الحـقّ مَـن شايعهم * عـاجلاً سهلاً بـلا خـوف عَبـر
خاتـم فيهـم كختـم الأنبيــاء * معلـن الحــقّ وقتّـال الكفـر
هــو حــبل الله للمعتصميـن * لعــدوّ الله ســيف مشتهـر
سيدي قد ذاب قلبي فـي هـواك * لا تـدعني إنّ دائـي ذو خطـر
و في قصيدة أخرى :
خليلي ألا تدنو إلـى عيـن رائـق * تــروّ بكـأسٍ سـائـغ متــورّد
ورحل بهذا الدار وابـغ منـازلاً * رفيعـاً وسيعـاً زاكيـاً ذا تــسدّد
وجالس مع الأبرار واذكـر هنا لهم * حـديث حـبيب مـشفـق متـودد
فـطيّب لنـا نفساً بـذكر نـوالـه * وفـرّج بنـا همّـاً ببشـر مجـدد
هو الأصل في الإيجاد والكل فرعـه * بمـولـده كـان الصفـيّ مـولـد
فأحمـد إن كـان ابـن آدم صورة * وبـالصدق معنـا آدم بـن مـحمّد
هو العلم المأثور فـي ظلم الدجـى * هو العمد الممدود فـي كل مـرصد
هو الكوكب الدري فـي وسط السما * بـه مـن مضلات الغواشي لنهتدي
هو الأمن والإيمان والكهف والهدى * وهـذا هـو الديـن القويـم المؤيّد
وعتـرتُه خيـر البـريــة كلّهـا * هـم العـروة الوثقى وقصر المشيّد
بهـم فتـح الله الاُمـور بأسرهـا * علـى الخلـق طـراً ظلهـم متمدد
فهم حجج الرحمن قدماً على الورى * وفيهـم كتـاب الله بـالحقّ يشهـد
معاندهم لـو كـانت الأرض كلهّـا * لهـا ذهبـاً مـلآى بـذاك ليفتـدي
وشيعتهـم يـوم القيامـة حولهـم * علـى سـرر مستبشـرين مـروّد
لهم كلّ ما تشهي النفوس وكلّ مـا * تلـذ بـه الأبصار فـي كـل مورد
يقولون : أتمـم ربنـا نورنـا لنـا * فإنـا لهــذا اليـوم كنّـا نـزوّد
مـلائـكة يستقبلـون قـدومهـم * يـرونـهم مـن طيبيـن الممجّـد
يقولون لمّـا ينظـرون بـوجههـم * سـلام عليكـم فـادخلـوها مخلـد
فـلا تـمسكن إلاّ بحبـل ولائـهم * ولا تدحـرن عـن بـاب آل محمّـد
كفـاك بـذكـر الآل فخـراً ونعمـة * « حزينة » قومي واشكري وتهجّدي
و كذلك :
ألا يا نديمي خلّني في غلا صدري * ألم ترَ سيل الدمع من مقلتي يجري
إلى الله أشكو ما أرى مـن أحبتي * لياليّ تمضـي فـي الكآبة بالسهر
يهينوننـي كالقاف حيـن تنزّلـت * وقـد كنتُ كالباء المرفّع في الحفر
أبيت وأمسي بيـن أهلـي غريبة * ودار أبي لي صار كالبدو في القفر
فكم جئتهم حُبّاً لهـم وكـرامـة * وكـم رفضوني في الشدائد والغمر
فكم من بليات أرى مـن جفائهـم * وكم مـن مصيبات يقل لها صبري
فكم من نهـار مـا تفرّغت ساعة * وكـم من ليال ما رقدت إلى الفجر
وإن مدّت الأيـدي إليهـم بحـاجة * يدي دون أيديهم تردّ إلـى نحـري
بلا جهـة مـن غيـر أنّي أحبّهـم * وداد غنـى لا عـن تملقـة الفقـر
وإنـي بحمـد الله ذات استطـاعـة * ولكـن من هجرانهم كسروا ظهري
لـداهيتي سمّيـت نفسـي حـزينة * سمـوم بليّـات أذوق مـدى دهري
تـلامـذتـي إن تسألنـي عبـارة * لكثـرة أشجـاني اُجـيب بـلا أدري
وكنتُ في غور مـن العلم خائضـة * خوض الحضيض لوجه الدر في البحر
فربـي كفيل فـي الاُمور جميعهـا * عليـه تـوكّلـت وفـوّضته أمـري
و في موضع آخر:
يا ذلة بعد عزّ كنت فيـه مـدى * سنين أعوام دهـري ليت ما مضت
أضحـت دويـراي أيـاماً قلائلة * من بعد ما ضحكت يا طول ما بكت
و كذلك :
يا قرحة ثقبت قلبي وليس لهـا * معـالج يتـداواهــا وملتئم
منقوووول