بقلم: - أم حبيبة * – الأردن
أكتبُ إليكِ وأنتِ تقفين على أعتاب عامكِ الرابع عشر وتطرقين باب الحياة كزهرة لتوها تفتحتْ. وتدلفين عالم البنات تبحثين عن الجمال والأناقة والرقة والأنوثة الغضة، وتلتفتين هنا مرة وهناك أخرى لعلَّ قبساً من المشاعر يطل في أيامك من أحدهم.
أعرفِ يا فتاتي ما يدور في قلبك الوردي الصغير لذلك يا حبيبتي أكتب إليكِ لأقص عليك حكاية حب وقصة عشق يخفق لها قلبكِ وتسكن إليها روحك.
نقول في الحكاية: (كان يا ما كان)
كانت هناك أرض تعيش فيها أميرة تحب الجمال والدلال وتعشق الأمير.. وكان الأمير يحب صفاتها ويتغنى بجمالها ويناديها بأسماء وألقاب تشعرها أنها أجمل الجميلات وأغلى الحبيبات. وكانت هي تهتم به وتعشقه وتقول فيه أشعار الحب..
وكانت تضع رأسه في حضنها وتسرّح شعره كأجمل ما تفعل الحبيبة ويأنس هو لديها كأجمل ما يأنس الحبيب. كان يهواها ويعيش في قلبه حبها فكان يجدد في حياتها الحياة فيلعب معها ويسليها ويضاحكها. كان يأخذ من يدها كوب الماء ويضع فمه على نفس الموضع الذي وضعتْ فمها عليه ليشرب ويهنأ برضابها والماء وترتوي هي حباً وحناناً.
لا ترفعي حاجبيكِ عجباً واستهجاناً فقد كانتْ زوجته ولا تستغربي قوة الحب بينهما فقد خُلق هو بقلب طاهر يتسع للكون حباً وخُلقت هي بقلب صغير لا يتسع إلا لأميرها وزوجها وحبيبها.
لم تنته الحكاية يا صغيرتي. فلا بدَّ من كدرة في صفاء الماء وغيمة تحجب بعض الضياء. في سفرهما معاً وعندما حان وقت العودة وشدَّ الناس الرحيل تذكرت أنها أضاعت عُقدها الذي تزين به جيدها ليراها حبيبها ويهنأ بجمالها وتهنأ برضاه. عادت لتحضر العقد لأنه لم يكن لها فقد كانت أميرة فقيرة وكانت قد استعارته من أختها لترضي الأمير وتظهر كأجمل زوجة. لمَّا عثرت عليه وسارت نحو موقع الرحيل لم تجد أحداً. سافروا بدونها ظناً منهم أنها في هودجها الذي يستر داخله العفيفة الطاهرة.لكن الهودج سار والرشيقة الخفيفة ليست بداخله. عادت إلى مكان العُقد حزينة مغمومة وأخذتها سنة من النوم لعل ما فيها من غم يخف ولعل أحدا يفتقدها ويعود لاصطحابها. حينذاك, مر بالمكان رجل تأخر هو الآخر عن الركب وعندما رآها أشاح بوجهه وحوقل بصوت مرتفع لينبهها بوجوده وهو النبيل العفيف.
عندما التفتت أصلحتْ حجابها صامتة ساكنة وركبتْ بعيره وسار هو أمام البعير. ولما وصلوا ورآهم الناس كان من بينهم رجل لا يخشى الله فظن بهم سوءا وحدَّث الناس عنهم بالسوء.
انقسم الناس فريقين؛ فريق رماها بما ليس فيها وآخر أنصفها وبرَّأها مما رماها به الجاحد.
أمَّا الزوج والحبيب فقد اعتراه هم كبير وساوره حزن عظيم ولازمه غمّ أليم.. الزوجة الحبيبة ذات الدلال والجمال. الأميرة يتحدث عنها الناس بالسوء.ما أشد الحزن! وما أقسى الوقت وهو يمر على نفسه ثقيلاً ينتظر الفرج من السماء!
أمَّا هي فقد مرضتْ وتألمتْ وغاب عن يومها النهار وأظلم في وجهها الكون. فهي لم تعد ترى حبيبها وإن رأته يكون حزيناً صامتاً مغموماً وفي وجهه سؤال لا جواب لديها عليه. سكنتْ وصمتتْ واحتسبتْ أمرها إلى الله وبثتْ شكواها وحزنها لخالقها الذي بيده وحده فك كربها وتفريج همها. وفي يوم كان الحبيب عندها يلازمه الحزن كما يلازمها، ويدمي قلبه الألم كما يدمي قلبها. وفي لحظة نزل الخبر من السماء يحكي براءتها وعفتها وطهرها، ويثبت كيد الكائدين وخيانة الخائنين. فأشرق وجه الحبيب وزانته ابتسامة ملأت الكون بشرا. أمَّا هي فقد سجدتْ شكراً لله الذي حماها وأنصفها وأنزل من فوق السموات خبر عفتها وطيبتها وخبث مَن خاضوا في عرضها.
سارت الحبيبة مع الحبيب نفسها راضية وقلبها مطمئن وعادا لعشهما يملآن الكون تُقىً ويحكيان لنا أجمل القصص وأحلى الكلام.
ابنتي الحبيبة:
هاتي يدكِ لندخل بيت النبوة ونستقي منه العِفة والطهر والحب والعشق والتقوى والعلم والصبر والحلم والكرم والزهد. لا تطرقي يا حبيبتي الأبواب وتحتاري في المسير. اطرقي باب بيت النبوة وستجدين رزقك هناك زوجاً صالحاً وحياة هانئة وحباً لم تحكه لنا كل حكايات الأميرات وكل قصص العشاق.