يقول الشيخ عبد الخالق العطار (إن الله تعالى جعل وجه الإنسان مرآة تظهر ما يخفيه الإنسان في خلجات نفسه وبواطن قلبه و في عمق فؤاده 0
فانبساط الوجه وانشراحه عكس عبوس الوجه وتجهمه 0
فالمريض السقيم يظهر أثر مرضه على وجهه والصحيح السليم يظهر أثر صحته وسلامته على وجهه أيضا و في نظراته وتعبيراته والحزين الكئيب الآسف يظهر أثر أسفه وحزنه واكتئابه على وجهه و في خلجات وجهه وفلتات لسانه ونظرات عينيه بل و في جميع حركاته وعلى العكس من ذلك الفرح المنشرح المسرور السعيد يظهر أثر سعادته وانشراحه وارتياحه في خلجات وجهه ونظرات عينيه وفلتات لسانه والمؤمن الصادق المخلص المحسن الصائم القائم الخاضع الخاشع الذاكر للرحمن التالى للقرآن الأمر بالمعروف الناهى عن المنكر المصلح بين الناس يظهر أثر ذلك بشاشة ونوراً في وجهه وتواضعاً في طبعه وليناً في حديثه وأدباً وشرفاً في كلامه 0
وعلى العكس فإن الفاسق العاصى يظهر أثر فسوقه وعصيانه في لغته وألفاظه وطريقة كلامه ووسيلة تعبيره فيستعمل الألفاظ البذيئة والعبارات السخيفة والسباب واللعان بل ويظهر ذلك في نبرات صوته و في كل حركاته وأيضاً فإن الحاقد والحاسد الذى يكره أن يساويه أحد غيره فضلاً عن أن يكره أن يتميز عليه ويعلو غيره هذا الحاسد الذى يكره غيره فإن الكراهية والبغضاء التى تملأ قلبه بل والغل والغيرة والغضب الذى يسيطر على جوانب نفسه داخل نفسه يغلى كالمرجل 0
ومهما كتم وكظم الحاسد حسده فإن نفسه المليئة بالصفات القبيحة الوقحة الذميمة الدنيئة الخسيسة مهما كتم وكظم هذه الصفات فبعد فترة وجيزة لا بد وأن يتنفس عما في نفسه فيتكلم الحاسد أولاً أمام الأخرين معبراً عما في نفسه في صورة نقد واضح للمحسود بل قد يعيب الحاقد الحاسد على القدر بل يلعن القدر 0
وهذا الأسلوب قمة الكفر و الإلحاد وما أن يلبث الحاقد الحاسد أن يتكلم أمام المحسود كأن يوجه كلامه في صورة ضحك ومزاح فالبسمة والخلجة للوجه والكلمة والنظرة يستنتج منها المؤمن الكيس الفطن معانى متباينة ونوايا مختلفة وعلى سبيل القطع فالحاسد إنسان ذو نفس شريرة مليئة بالغل والحقد والغيظ والغضب والغيرة والنفس الموصوفة بهذه الصفات وغيرها بيئة ومأوى للشيطان فيها روحه وراحته ويستعملها ويستغلها في تحقيق أهدافه وأغراضه ) الحسد صـــــ45 –44
ويقول الشيخ طه أحمد يوسف (فصفات الحاسد شرس الطبع يبغى لغيره السوء ويكره له الخير ولعل أبشع ما في الحسود أنه عدو لنعمة الله فهو كلما رأى نعمة على إنسان أحس بداخله بإحتراق أعصابه وتضطرب نظراته ومن هنا يكره وجود الخير عند الغير معتقداً أنه أفضل من غيره وأنه أولى منه بالخير 0
والحاسد ساخط على قضاء الله وكاره نعمة الله التى قسمها بين عباده ومبغض وغير راضى لعدل الله الذى أقامه في ملكه حيث يروى أنه ورد في الحديث القدس : (الحاسد عدو لنعمتى متسخط لقضائى غير راض بقسمتى دائماً يتصف بالسعى الدائب الحثيث إلى إستلاب نعمة وهبها الله لغيره وانتزاعها من بين يديه فالحاسد مضاد لإرادة المعطى –سبحانه وتعالى – ثم إن المحسود لم ينقص الحاسد من رزقه ولم يأخذ شيئاً من يده وليس للحاسد إلا ما حسد أى : لا يحصل على شىء إلا الحسد فقط وليس للحاسد إلا حسده والحاسد يشعر بالغيرة الشديدة والحقد الكامن بين جوانحه والشر المتأجج في حناياه عند ما يرى نعمة من نعم الله وهبها لغيره 0
والحاسد تبتسم نفسه إبتسامة شريرة خبيثة وقلبه يرقص طربا وتنتابه فرحة غامرة تملأ جوانحه بالشماته والغل عندما يرى أسى وألم وحزن ونكبة ألمت بغيره 0
تمام المنة صــــــــ89