بقلم: أ. د. عبد الرحمن البر
أخرج أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء عن مُطَرِّف بن عبد الله قال:
"إِنِّي لَأَسْتَلْقِي مِنَ اللَّيْلِ عَلَى فِرَاشِي فَأَتَدَبَّرُ الْقُرْآنَ، وَأَعْرِضُ عَمَلِي عَلَى عَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِذَا أَعْمَالُهُمْ شَدِيدَةٌ ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ (الذاريات: 17)، ﴿يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ (الفرقان: 64)، ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا﴾ (الزمر: 9)، فَلَا أُرَانِي فِيهِمْ، فَأَعْرِضُ نَفْسِي عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾ (المدثر: 42) فَأَرَى الْقَوْمَ مُكَذِّبِينَ، وَأَمُرُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا﴾ (التوبة: 102) فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَأَنْتُمْ يَا إِخْوَتَاهُ مِنْهُمْ".
ترى يا إخواني كم مرة عرضنا أنفسنا على آيات الكتاب العزيز!!، وحدَّدنا أين نحن ممن وصفهم الله عز وجل، وفي أي فريق نندرج؟!
أقترح على إخواني أن تقسم كل مجموعة نفسها على أجزاء القرآن لقراءة ختمة خاصة من القرآن، نحرص فيها على استخراج صفات المؤمنين، ثم نجمع ما استخرجناه، ثم نسأل أنفسنا كم في كل منا من هذه الصفات؟ وكم منها ما يحتاج لتحقيقه في نفسه، وكيف يمكننا الحفاظ على ما حققناه منها، واستدراك ما فاتنا قبل أن ينتهي رمضان.. ما رأيكم؟!
إِنْ ضَعُفْتَ عَنِ الْخَيْرِ فَاضْعُفْ عَنِ الشَّرِّ
أخرج أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء:
قَالَ رَجُلٌ لمُوَرِّق الْعِجْلِيّ: إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ قَسْوَةَ قَلْبِي، لَا أَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ وَلَا أُصَلِّي.
فَقَالَ لَهُ مُوَرِّقٌ: "إِنْ ضَعُفْتَ عَنِ الْخَيْرِ، فَاضْعُفْ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنِّي أَفْرَحُ بِالنَّوْمَةِ أَنَامُهَا".
عجيب أمر الإنسان، تثقل العبادة والطاعات عليه حتى تكون كالجبال، ويتسارع إليه الإحساس بالإرهاق والتعب حين يأخذ فيها، فإذا برقت له بارقة شهوة نشط إليها.
ماذا لو أخذنا بنصيحة هذا الرجل الصالح، فأضعفنا أنفسنا عن الشر إذا وجدناها ضعفت أو كسلت أو فترت عن فعل الخير، وبذلك ننجو من الإثم إن لم ندرك الأجر؟
هل لنا أن نجرب هذه التجربة ثم ندون ملاحظاتنا عليها؟
---------
* أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر وعضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.