- سمية رمضان: حسن الظن والإيثار والتعاون.. عناوين الرحمة
- إيمان إبراهيم: بداية التراحم اعتماد الحوار والتقدير المتبادل
- ميرفت محمد: التراحم في رمضان أقصر السبل إلى السعادة
- عزة سليمان: شحنة رمضان الروحية تصنع المعجزات
تحقيق: هبة عبد الحفيظ
لم يعد خافيًا على أحد أحوال بيوتنا ومشاكلنا الأسرية التي تفاقمت بصورة خطيرة، تدلِّل عليها نسب الطلاق المرتفعة وأرقام الدعاوى المرفوعة بمحاكم الأحوال الشخصية..
ومن هنا تبرز إحدى الفرص الرمضانية السانحة لتحسين علاقاتنا الأسرية واستبدال نسائم المودة والسكينة والرحمة بجو الخلافات والمشادات، ولأن ذلك لا يتم عشوائيًّا أو في طرفة عين؛ فقد استطلع (إخوان أون لاين) آراء الخبراء والمتزوجين ليخرج بروشتة علاج ودليل إلى السعادة الزوجية في التحقيق التالي..
عين الرحمة
توضح تيسير عبد الله حجم الضغوط التي يتعرَّض لها الزوجان طوال العام، والتي قد تتسبَّب في كثير من الشحنات السلبية بالأسرة، وهي الضغوط التي قد تزيد في رمضان، وتقول:
الزوجة في رمضان تتعب كثيرًا، وخصوصًا في الأعمال المنزلية والعزومات وشراء الاحتياجات، بالإضافة إلى رعاية الأطفال وتحمل مشاكلهم اليومية التي قد تحرمها من تذوق حلاوة الطاعات وخاصة صلاة التراويح، أما الزوج فيعاني من عبء العمل، وخصوصًا إن كان يعمل في وظيفتين وما في ذلك من ضغوط بدنية ونفسية.
لذا فهي تقترح أن ينظر كل طرف للآخر بعين الرحمة، فيساعد الزوج زوجته خلال رمضان بملاحظة الأطفال أثناء وقوفها في المطبخ، كما تتحمل الزوجة عن زوجها بعض الأعباء المالية- إذا كانت تعمل- بأن تدفع مثلاً قسط السيارة أو إيجار الشقة أو مصاريف المدارس فهذا سيسعده كثيرًا.
ضبط النفس
وتبيِّن صفاء عبد الشافي أن من الأشياء التي تجعل زوجها سعيدًا أن يأتي فيجد المنزل نظيفًا مرتبًا، وأن يشعر أنها مهتمة به ومقدرة لتعبه في عمله طوال النهار، فهي تستخدم من العبارات ما يؤكد ذلك لزوجها مما يجعله حسب وصفها لا يرى غيرها.
وتقترح أن يشترك الزوجان في أداء طاعة يوميًّا في رمضان حتى لو لدقائق تجمع بينهما من أجل الله عزَّ وجلَّ، مؤكدةً أن ضبط النفس هو الأساس للمحافظة على الصيام ورضا كل الزوجين عن الآخر، فإذا غضب أحدهما فليسكت الآخر وليصمتا حتى يسود الهدوء ثم يكون العتاب الجميل الذي لا لوم ولا قبح معه.
زوجة مدبرة
ويقول مصطفى إبراهيم: إن الزوج يحتاج من زوجته، وخاصة في رمضان؛ أن تقلِّل من الطلبات المادية والأعباء الأسرية التي تثقل بها كاهل زوجها، وقد تضطره إلى الاستدانة فلا يشعر بفرحة رمضان ولا العيد، مضيفًا: وعندما تكون الزوجة قنوعة ومدبرة وموفرة فإن هذا يسعد الزوج ويشعره أن زوجته تقدر ظروفه وتحرص على التخفيف عنه.
الدعاء لزوجي
أما هناء محمد موظفة فتقول: إن الله عز وجل غلَّف العلاقة الزوجية بالمودة والرحمة فإن قلت المودة فالعشرة بينهما تستوجب الرحمة، وهذه الرحمة تعيد المودة مرة أخرى، وفي النهاية تؤدي إلى السعادة الزوجية.
وتضيف أن من مظاهر رحمة الزوجة لزوجها أن تقدر جهده وتشكر له تعبه خاصة أمام الأبناء، ولا تعتبره حقًّا مكتسبًا لها ولأبنائها، وأن تساعده على برِّ أهله وصلة رحمه، وأن تهاديه بهدية ولو بسيطة، وأن تعد له مفاجأة منزلية كل حين، وأن يخرجا سويًّا دون الأبناء للإفطار أو لصلاة التراويح، ولا تنسى الدعاء له بكل الخير، فهذا من شأنه أن يعيد العلاقة طيبة بينهما من جديد.
وتتفق رباب علاء الدين وزوجها عبد الله على أن السعادة مسئولية مشتركة، وعلى الزوجة في رمضان أن تهتم بأعمال المنزل، وتساعد زوجها على تهيئة جو من الهدوء والسكينة للإحساس بروحانيات الشهر الكريم، وعليه هو أن يساعدها قدر استطاعته في حمل طفلهما الصغير أو تجهيز السفرة أو تحضير المياه الباردة والعصائر أثناء وقوفها في المطبخ، وأن يقلل من عزومات أصدقائه حتى لا يثقل عليها.
الصوم عن الأذى
وحتى تسود الرحمة بين الزوجين في رمضان وطوال العام تقدم الداعية سمية رمضان لهما هذه النصائح فتقول: إن الصوم في رمضان ليس عن الأكل أو الشرب فقط وإنما هو صوم عن الإيذاء والغلظة في التعامل وسوء الخلق بشكل عام والجفاء في المشاعر، فإذا تعامل الزوجان على هذا الأساس فسيفتح لهما رمضان بركات الخير التي تظلهم حتى بعد انتهائه.
وتضيف أن من مظاهر الرحمة أن نراعي الآخرين كما نراعي أنفسنا، فالبعض يرفع شعار أنا ومن بعدي الطوفان، أما المؤمن فيتعامل بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "أحب لأخيك ما تحب لنفسك"، لذلك فإن التقدير والاحترام المتبادل والإيثار والعطاء بلا مقابل بين الزوجين هو التطبيق العملي لهذا الخلق الراقي.
وتشير إلى أن حسن الظن بين الزوجين دليل الرحمة بينهما، مؤكدة أنه لا يوجد زوج يكره زوجته ولا زوجة تكره زوجها، وأما الخلافات فلها حل، فعلينا أن نجعل رمضان هذا العام بداية للتحلي بهذا الخلق فهو حل لمشاكل كثيرة ومفتاح للسعادة الزوجية، فإذا تعامل الزوجان بحسن ظن سيلتمس كل منهما الأعذار للآخر؛ فتهون كل المشاكل وتكون هناك ثقة متبادلة بين الطرفين.
صدقات الكلام
وتبين أن الكلمة الطيبة صدقة، ثوابها مضاعف في شهر الصدقات، فلا نبخل بها عن أقرب الناس إلينا، وليجعل كل منهما تعليقاته على الآخر لطيفة وغير جارحة، أو تحمل استهزاءً؛ لأن الموقف ينتهي ولكن الكلمات يبقى أثرها في النفوس، وليترك كل منهما للآخر مساحة من العفو والمغفرة والرحمة به إذا أخطأ حتى لا تحمل القلوب الضغائن، وتظل تبحر بهما سفينة الحياة في نهر المودة والرحمة والحب حتى يصلا إلى الجنة.
سلسلة السعادة
السعادة الزوجية سلسلة مترابطة ومتصلة من الأفعال، تخبرنا عنها إيمان إبراهيم مدربة تنمية بشرية، قائلة: إن الرحمة التي تحقق السعادة هي أن يقدر كلا الزوجين ظروف الآخر، ويساعده في تحمل أعباء الحياة، ولا يتركه وحده، وهذا لا يأتي مرة واحدة، وإنما علينا أن ندرِّب أنفسنا أولاً على أن يستمع كل منا للآخر، وأن يكون هناك حوار بين الزوجين ووقت مقدس للتناقش والتعبير عن المشاعر.
وتضيف: فإذا حدث ذلك تأتي الخطوة التالية وهي أن يفهم كل منا مشاعر الآخر من خلال ما سمعناه في هذه الجلسة المقدسة، فإذا فهمنا بعضنا البعض يحدث تقدير المشاعر والذي هو بالدرجة الأولى أساس المودة والرحمة بين الزوجين، فنستطيع هنا أن نسامح ونغفر، وأن نحب بصدق فنسعد في حياتنا.
مفاتيح القلوب
في شهر رمضان على وجه الخصوص تستطيعين أن تأسري قلب زوجك، وأن تأسر قلب زوجتك لما في هذا الشهر من صفاء وإخلاص لله تعالى وبركة على بيوت المسلمين، وهذا ما تؤكده الاستشارية الاجتماعية ميرفت محمد فتقول: الكلمة الطيبة كما أنها صدقة فهي كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، وعلى الزوجين الاستمرار في تعهد ورواء هذه الشجرة حتى تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، فتعم البركة والخير والفضل بهذه الهدية الربانية التي تعمل على تثبيت جذور السعادة ونمو فروعها إلى السماء.
ومن ملامح الرحمة بين الزوجين في رمضان أن الزوج يمدح الطعام حتى إذا توقع أنه سيكون أفضل من ذلك، فيكفي تعب زوجته ووقوفها طوال النهار في المطبخ، والزوجة تمدح الزوج وجهده لتلبية احتياجاتها حتى وإن توقعت أكثر من ذلك يكفي الإجهاد الشديد في الحر والجوع والعطش طوال النهار.
وتضيف: لا بد من اتخاذ الإجراءات الوقائية قبل رمضان حتى لا نقع في مشكلات فيتخلص كلا الزوجين مما يضايق شريك حياته من تصرفات وسلوكيات وطباع سيئة، ويسعى بنية صادقة إلى استغلال شهر رمضان في التغيير للأفضل.
وتنصح الزوجين بالتأني والحلم عند حدوث أي خلاف؛ حتى لا يندما على قرار اتخذاه ساعة الغضب، وتدعوهما إلى رفع شعار (الرحمة في رمضان.. مفتاح القلوب).
شحنة نفسية
وتوضح الخبيرة النفسية عزة سليمان أن معظم المشاكل التي ترد عليها في الاستشارات الزوجية يكون السبب فيها عدم التواصل، أو عدم تقدير المشاعر، أو كثرة اللوم بين الزوجين، وطغيان الجانب السلبي، وافتقاد الدعم الايجابي؛ فتتكون لدى أحد الزوجين شحنة سلبية لا يقدرها الطرف الآخر فتحدث المشكلات.
وتوضح أن الحل بيد الأزواج أنفسهم إذا سعوا لإيجاد التآزر النفسي بينهم، وتقدير كل منهما مشاعر الآخر، بل والتعاطف معه، وذلك عن طريق عملية تبادل الأدوار فليأخذ كل منهما مكان الآخر، وينظر للموضوع من نظرته هو ليجد أمورًا لم تخطر على تفكيره مطلقًا.
وتستكمل أن عدم التسرع في الحكم على المواقف مهم جدًّا، وتنصح أن يعطي دائمًا الطرفان الفرصة لبعضهما البعض في شرح أسبابه ودوافعه وراء المواقف، ومن هنا يأتي التواصل الذي به يستطيع الأزواج التحكم في علاقتهم، والذي يتبعه الكلمات الرقيقة التي تذيب الآلام وشحنات الغضب، وتجعل الحياة مليئة بالتفاهم والرضا والسعادة.
وتبيِّن أن شهر رمضان وما فيه من روحانيات فرصة لا تُعوض في أن يبدأ الزوجان صفحة جديدة نظرًا للطاقة الروحية والشحنة النفسية الإيجابية التي تتوافر لديهما في هذا الشهر الكريم، والتي تدعم عندهما الرغبة في فعل الخير وسمو الأخلاق وإرضاء الله تعالى.