منذ بزوغ أول فجر على هذه الأرض والناس يتخبطون في تيه وضياع، فلقد كانوا يرتكبون المعاصي ويأتون بالفواحش، وكان بعضهم ظالم لبعض. فكان الله سبحانه وتعالى يرسل للناس الرسل ليبرأ من من عصاه يوم القيامة وليقيم عليهم الحجة فيسحق المكذبين ويأخذ الظالمين بظلمهم فلقد قال تعالى: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِين حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}(1) ، واستمر الله تعالى بإرسال رسوله وأنبياءه إلى كل قوم قد ضل، وأخيراً ختم جميع الرسالات برسالة سيدنا محمد عليه أتم الصلاة وأعظم التسليم فلقد قال تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } (2) ، فلقد كانت رسالة محمد عليه الصلاة والسلام رسالة مميزة، فلم تقتصر على قوم معينين ولا على زمان محدد؛ إنما كانت رسالة شاملة لكل إنسان على هذه البسيطة ولقد كانت رسالته هي الخاتمة وهي الرسالة القائمة من نشأتها وإلى يوم الساعة.
ولقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام في بادئ الأمر يدعو الناس إليها دعوةً شفوية خالية من أي أسلوب مادي واستمر الرسول صلى الله عليه وسلم هكذا فآمن برسالته ودعوته من آمن وكفر بها من كفر ولقد كانت دعوته في البداية دعوتاً سرية كان يدعو إليها أقاربه وأصدقائه ومن يتوسم فيهم الخير، واستمر كذلك حتى جاء أمر الله له بالجهر بالدعوة ولقد كانت هذه بداية الدعوة الجهرية (3)، ولقد كان يدعو الرسول هو ومن تبعه في هذه المرحلة الناس كافة دون استثناء ولقد كانوا يلاقون الصعاب وأشد التعذيب وأحلك المواقف فما كان منهم إلا الصبر على ما ابتلاهم الله به.
وبعد كل ما لاقوه من تعذيب وتشريد وتنكيل كافاهم الله تعالى بالنصر الأكبر وهو مساعدته لهم وشد أزرهم لإقامة الدولة الإسلامية، ولقد كانت دولة الإسلام التي أقامها الرسول في المدينة هي بداية الإسلام كحضارة عظمى، وبداية العمل المادي (1) للمسلمين ونلاحظ أن العمل قبل الدولة لم يكن مادياً إنما العمل المادي كان بعد قيام الدولة الإسلامية.وأخذ الله تعالى يكرمهم بنصر يمحوه نصر أعظم منه.
فلقد أكرمهم الله تعالى على ما صبروا وعلى ما أبلوا من بلاء حسن، وشداداً لعودهم ولينصر الله عباده الصالحين، فلقد جعل لهم النصر حليفاً في معركة بدر الكبرى التي هي النصر الأول للمسلمين، ولقد أردا الله سبحانه وجل علاه أن يعلم المسلمين درساً في ضرورة طاعة الله والرسول عليه الصلاة والسلام، فكانت لهم هزيمة في معركة أحد لعصيان فئة من المسلمين (2) لأمر الرسول، فلقد أدرك المسلمين بعدها وبعد تلك الهزيمة ضرورة طاعة الله و رسوله عليه الصلاة والسلام.
واستمروا ينالون نصراً بعد نصر ويضاف إلى قائمة نصرهم فتح مكة المكرمة، فلقد أكرم الله تعالى رسوله ومن آمن معه بفتح مكة التي خرجوا وأُخرجوا(3) منها أذلاء وعادوا إليها أعزاء، هكذا أعز الله تعالى المسلمين عندما ابتغوا العزة بالإسلام، فلقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عن وأرضاه { نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة بغير الإسلام أذلنا الله }. نعم. والله إني لأرى حال المسلمين اليوم خير دليل على صدقك يا عمر فها نحن عندما أردنا أن نبتغي عزتنا بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله وجعلنا دون الحضيض، يتخبطنا حكامٌ عملاء خونة ونتيه بين أفكار الكفر التي تزرع لنا كالسموم.
ولو نظرنا إلى صفحات التاريخ الإسلامي الذهبية (4)، لوجدنا أنها مليئة بالشواهد والمواقف التي تخشع لها القلوب وتهتز لها الأبدان فأين نحن من كل هذا، وأين نحن من صحابة الرسول وتابعيهم الصالحين (5). أما آن لنا أن نستيقظ من سباتنا العميق أما آن لنا أن نصرخ في وجه الظالمين ونقول لهم:" أيها الظالمين أنكم وظلمك في جهنم " أما آن لجيوشنا أن تدوس الخونة والعملاء بأقدمها وأقدام الأمة الإسلامية، أما آن لنا أن نقف صفاً واحد تحت راية الإسلام يحكمنا حاكم مسلم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله، ويكون شديد على أعدائنا، رحيماً لنا ولا يخشى بالله لومت لائم، أما آن أما آن. ونسأل الله أن يغير حالنا إلى أحسن حال.
أسماء ابوبكر محمد
حاسب آلي