منتدى الدكتور ياسر عبدالله
مرحباً بكم في منتدى الدكتورياسرعبدالله للتأصيل الإسلامي







منتدى الدكتور ياسر عبدالله
مرحباً بكم في منتدى الدكتورياسرعبدالله للتأصيل الإسلامي







منتدى الدكتور ياسر عبدالله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الدكتور ياسر عبدالله

إسلامـــــــي - تربـــــــــوي - تعليـــــــمي - إجتماعــــــي- تكنولوجـــــــي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 فتاوى الصيام وأحكامه

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
علاءمحمدحسين خلف الله
عضو ملكي
عضو ملكي
علاءمحمدحسين خلف الله


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 16/05/2010
العمر : 43

فتاوى الصيام وأحكامه Empty
مُساهمةموضوع: فتاوى الصيام وأحكامه   فتاوى الصيام وأحكامه Icon_minitimeالجمعة 13 أغسطس 2010 - 13:24


صيام يوم الشك.. متى يجوز؟

أجاب عن الفتاوى الشيخ سعد فضل من علماء الأزهر الشريف.

السؤال: هل الضرورة تبيح صيام يوم الشك؛ حيث إنني ربما أضطر إلى صيامه كي أتمكن من قضاء ما فاتني من أيام في رمضان الماضي؟

الجواب: اختلف الفقهاء في تعريف يوم الشك وحكمه:

- فذكر الإمام أبو حنيفة أن يوم الشك هو آخر يوم من شعبان احتمل أن يكون من رمضان؛ وذلك بألا يُرَ الهلال بسب غيم يوم التاسع والعشرين من شعبان، وقال إن صومه تارةً يكون مكروهًا تحريمًا أو تنزيهًا وتارةً ويكون مندوبًا وتارةً يكون باطلاً؛ فيكره تحريمًا إذا نوى صيامه جازمًا أنه من رمضان، ويكره تنزيهًا إذا نوى صيامه عن واجب نذره أو مترددًا بين الفرض والواجب أو بين الفرض والنفل، ويندب صومه بنية التطوع إن وافق عادة له.

- وذهب الإمام الشافعي إلى أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدث الناس برؤية الهلال ليلته ولم يشهد بها أحد أو شهد بها من لا تقبل شهادته، كالنساء والصبيان، ويحرم صومه، ويستثنى من ذلك ما إذا صامه بسببٍ يقتضي الصوم، كالنذر والقضاء أو الاعتياد.

وقالت المالكية: إن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا كان بالسماء غيم ولم يظهر هلال رمضان، وصومه يكون مندوبًا إذا كان لعادة اعتادها، ويكون واجبًا إذا كان لقضاء ما فاته، ويكون مكروهًا إذا صامه تطوعًا.

وقالت الحنابلة: يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم يُرَ الهلال من كون السماء صحوًا لا علة بها، ويكره صومه تطوعًا إلا إذا وافق عادةً له.

وبناءً على ما سبق وفي وقعة السؤال فإنه يجوز شرعًا للأخت السائلة أن تصوم يوم الشك إذا كان لقضاءٍ ما فاتها من رمضان على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء على التفصيل الذي سبقت الإشارة إليه.

وأسال الله تعالى أن يزيدنا حرصًا على طاعته وتعظيم شعائره، والله ولي التوفيق، والله أعلم.

--------

توحيد مطالع الأهلة.. واجب

السؤال: ما الحكم الشرعي في معرفة رؤية الأهلة، خاصة أن المسلمين ما يزالون مختلفين في توحيد الرؤية؟

الجواب: توحيد مطالع الأهلة ضرورة في تحديد بدايات ونهايات الشهور العربية تحقيقًا لوحدة المسلمين وعدم التنازع فيما بينهم، وإن وحدة المطالع تحقق للمسلمين الوحدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتراعي الهدف من مشروعية العبادات من تحقيق الخير للمسلمين في الدين والدنيا.

إن الفقه الإسلامي في مجموع مذاهبه قد استقر على وجود اتجاهين في رؤية الأهلة:
الأول يرى أن لكل بلد مطلعه، والثاني يرى وحدة المطالع.

وعليه إذا ظهر الهلال في أي بلد إسلامي وجب على أهله الصوم أو الفطر حسب الحال، كما يجب عليهم إبلاغ البلاد الأخرى القريبة أو البعيدة، ومن ثم فإنه يجب على البلاد الأخرى المشتركة معها في جزء من الليل اتباعها في الصوم أو الإفطار حسب الرؤية المعلنة.

والجديد في الأمر في وقتنا الحاضر هو الخلاف حول ترجيح أحد الاتجاهين للعمل به، ونرى ترجيح العمل بوحدة المطالع؛ حرصًا على وحدة الكلمة وجمع الصف وعدم التنازع فيما بيننا، وهذا سوف يحقق وحدة المسلمين فيما بينهم سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، ويمنع الخلاف بينهم امتثالاً لقوله تعالى: ﴿وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ (الأنفال: من الآية 46).

ثانيًا يراعى أن الهدف الأساسي والرئيس من مشروعية العبادات كلها في الإسلام بما فيها عبادة الصوم إنما هو توحيد كلمة المسلمين وتحقيق الخير لهم في الدين والدنيا معًا، وإذا أقرَّت الأغلبية من جمهرة المسلمين حكمًا شرعيًّا صومًا أو إفطارًا فالواجب اتباعه مراعاةً لوحدة المسلمين؛ لأن الفقهاء أجمعوا على أنه لا يجوز للمسلمين في البلد الواحدة- أي الدولة الواحدة- أن يصوم البعض ويفطر البعض الآخر؛ فمن خالف الأغلبية واستقل بحكم شرعي فأفطر مع صوم الأغلبية فعليه القضاء، وهو آثم لمخالفته الجماعة؛ وذلك بإجماع فقهاء المسلمين.

نسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين وأن يوحِّد صفوفهم وألا يجعل لعدوهم عليهم سبيلاً.. إنه سميع عليم، والله تعالى أعلم.

----------

الأفضل عدم تأجيل "الدورة الشهرية" في رمضان

السؤال: امرأة تصوم شهر رمضان، ولحرصها على صيام الشهر كاملاً تتعاطى أقراص منع الحمل لتمنع نزول الدورة الشهرية، فهل صيامها يكون صحيحًا؟

الجواب: إن الله تعالى فرض الصيام بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: 183)، وصوم رمضان جعله الله عز وجل أيامًا معدودات.

لكن الله عز وجل رخَّص للمسافر والمريض الفطر مع قضاء أيام أخر عملاً بقوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ (البقرة: من الآية 184)، كما رخَّص للحائض والنفساء الفطر في رمضان رفعًا للحرج عنهن ومراعاةً لظروفهن وأحوالهن، لكن أمر الحائض والنفساء بقضاء الصوم وعدم قضاء الصلاة؛ لأن الصوم لا يتكرر في العام إلا مرةً واحدةً لمدة شهر واحد، أما الصلاة فإنها كل يوم خمس مرات، وفي تكرارها مشقة كبيرة؛ لهذا يسَّر الله الأمر للمرأة أثناء حيضها ونفاسها، قال الله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ﴾ (المائدة: من الآية )، والمرأة التي تتعاطى أقراص منع الحمل لمنع الدورة الشهرية طوال شهر رمضان ما دامت لم تجد أثرًا للدورة في شهر رمضان وصامت فإن صيامها يكون صحيحًا، لكن المشكلة ليست في منع الدورة، وإنما المشكلة في الآثار المترتبة عليها؛ لأن هذه الأدوية التي تتعاطاها تعمل على حبس الدورة الشهرية، ويتجمع الدم الفاسد مختزنًا في مكانٍ الأصل فيه أنه يخرج منه ولا يخزن فيه؛ ولهذا كان على المرأة أن تلتزم بما شرع الله، ولعل هذا أمر هيَّأه الله لبنات حواء، ولو كانت المرأة تتحمل مدة أكثر من هذه المدة لجعلها الله كل شهرين أو ثلاثة، والشريعة الإسلامية قائمة على التيسير ودفع الحرج، قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ (الحج: من الآية 78).

نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يتقبل منا وإياكم صالح الأعمال، والله أعلم.

----------

متى يصوم الأطفال؟

السؤال: متى يبدأ تعويد الأطفال على الصيام، خاصةً أننا في بداية الشهر الكريم؟ وهل في السنَّة ما يرشدنا إلى كيفية ذلك؟

الجواب: إن تكاليف الإسلام يجب على كل مسلم مكلَّف شرعًا أن يلتزم بها وأن يؤديَها تقربًا وطاعة لله عز وجل، وحكمة الإسلام أنه لو يصدم المكلَّفين بطلب التكاليف منهم دفعة واحدة، بل إنه يدعو إلى تدريب الأطفال والصبيان على أداء الفرائض الشرعية، حتى إذا ما بلغوا سن التكليف لم يجدوا عنتًا أو مشقة في أداء هذه الفريضة؛ لأنهم قد مارسوها واعتادوا عليها من قبل.

وفي هذا الإطار نذكِّر بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يرشد فيه الآباء والأمهات إلى تعليم أولادهم الصلاة وهم في سن مبكرة، وهذا الحديث يقول فيه الرسول صلوات الله وسلامه عليه: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرِّقوا بينهم في المضاجع".

ويأتي في إطار التدريب والتمرين على أداء الفرائض والتكاليف تعليم وتعويد الصبيان على الصيام، خصوصًا صيام شهر رمضان، فولي الأمر مدعوٌّ إلى أن يعلِّم من هم تحت ولايته كيفية الصيام وفائدته بحيث يحرص هؤلاء وهم في سن مبكرة على أن يمارسوا هذه الشعيرة، وأن يقوموا بحقها لله رب العالمين؛ فالصيام وإن كان غير واجب على الصبي إلا أنه يأمر به ليعتاده من الصغر ما دام قادرًا عليه ومستطيعًا لأدائه، وقد جاءت السنة تبيِّن ذلك وتُظهر مدى حرص الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته على أن يعلِّموا ويعوِّدوا صبيانهم وصغارهم على الصيام.

فعن الربيع بنت معوذ قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة عاشوراء إلى قرى الأنصار: من كان أصبح صائمًا فليتم صومه ومن كان أصبح مفطرًا فليصم بقية يومه، فكنا نصومه بعد ذلك ونصوِّم صبياتنا الصغار منهم ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن (الصوف)، فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناها إياه حتى يكون عند الإفطار.

فهنا نجد حرص الصحابة على أن يعوِّدوا صبيانهم على الصيام، كما نلمح هذه الوسيلة التربوية الطبية في أنهم كانوا يعطون أولادهم عندما يستشعرون الجوع بعض اللعب التي تلهيهم حتى وقت الإفطار، غير أننا نلفت النظر إلى أن الصبي إذا كان غير قادر على الصوم ولا يطيقه بحال فمن الخطأ البيِّن أن يتمسك والده بصيامه؛ لأن هذا- فضلاً عما فيه مشقة وعنت للصغير- ربما يلجئه إلى عادة سيئة؛ فقد يتوارى عن أنظار والديه ويأكل ما شاء له، وربما تستمر معه هذه العادة حتى يكبر ويصل إلى سن التكليف.

علينا إذن أن نوازن في هذا الأمر؛ بحيث تتحقق المصلحة؛ فإن كان الصغير يستطيع الصوم فعلينا أن نعلمه إياه وأن نراقبه وأن نصحِّح له المفاهيم التي ربما يخطئ فيها لصغره، وإذا كان غير قادر فلا نخبره ولا نكرهه على أداء أمر لم يصل بالنسبة له إلى مرحلة الفرض والواجب.

نسأل الله الكريم أن يحفظ أولادنا من كل مكروه وسوء وأن يزقهم الرفقة الصالحة وأن ينفع بهم الدين والوطن.. إنه ولي ذلك والقادر عليه، والله أعلم.

--------

هذه الأعمال لا تفسد الصيام

السؤال: ما هي الأشياء التي يجوز للصائم فعلها في شهر رمضان دون أن تفسد عليه صيامه؟

الجواب: إن الإسلام دين اليسر والسهولة، وهو يراعي طاقة الإنسان في العبادات والمعاملات، وقال تعالى: ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ (البقرة: من الآية 186)، وقال أيضًا: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ﴾ (البقرة: من الآية 185)، وهناك في الصيام أشياء كثيرة من مظاهر يسر الإسلام وسماحته لا تفسد الصيام وقد يتوهمها البعض أنها من مفسداته، ومن هذه الأشياء:

1- وضع القطرة أو الكحل في العين، فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتحل وهو صائم.

2- الاستحمام والسباحة في الماء والغطس فيه حتى ولو كان ذلك على سبيل تلطيف حدة العطش أو تلطيف حدة الحر؛ فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صبَّ الماء على جسده وهو متوجِّه إلى فتح مكة في رمضان عند مكانٍ يقال السقيا.

3- استعمال السواك ومعجون الأسنان لتنظيف الفم والأسنان دون مبالغة.

4- تكرار المضمضة والاستنشاق مع عدم المبالغة فيهما؛ لأنهما مكروهان للصائم.

5- شم الروائح الطيبة كالعطور والأزهار والبخور دون مبالغة.

6- التطيب والتعطر للحاجة بالنسبة للرجل في بيته وخارج بيته، أما بالنسبة للنساء فيجوز لهن التعطر داخل بيتهن فقط، وكل هذا دون مبالغة.

7- تذوق المرأة الطعام دون أن يصل منه شيء إلى الحلق.

8- استعمال "الحقنة" بمختلف أنواعها، سواء أكانت تحت الجلد أم في العروق، وكذلك الحقنة الشرجية إذا كانت الضرورة العلاجية داعية إلى ذلك؛ لأن ما يصل إلى الجوف منها لم يكن من المنفذ الطبيعي؛ وبذلك فهو لا يفطر، سواء أكان للتداوي أم لغيره، إذا كان في حدود الضرورة.

9- طلوع الفجر والصائم جنب لم يغتسل بعد.

فهذه جملةٌ من الأشياء التي تفسد الصيام، ولكن ينبغي على المسلم أن يحتاط لنفسه في دينه ويأخذ نفسه بالجد في هذه العبادة السنوية حتى يحصل على أكثر قدر من الثواب؛ فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.

هذا والله سبحانه أعلى وأعلم.

-----------

الفطر من أجل الحمل والإرضاع

السؤال: تعتريني في أيام الحمل آلام شديدة، فهل يجوز لي الإفطار في شهر رمضان من أجل صحتي وصحة الجنين؟ وما هو الواجب عليَّ في هذه الحالة؟ وهل يصح لي الفطر أيضًا فترة الإرضاع؟

الجواب: إن المرض الذي يشق الصيام معه يبيح الفطر للمريض بمقتضى قوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ (البقرة: من الآية 185).

والحامل والمرضع إذا كان الصوم يشق عليها يرخَّص لهما الفطر برخصة المرض المنصوص عليها في الآية والحديث: "إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع الصوم" (رواه أحمد وأصحاب السنن).

لكن المريض إذا كان لا يرجى شفاؤه يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينًا ولا قضاء عليه؛ لعجزه عنه، وإذا كان يرجى شفاؤه يفطر وعليه القضاء، وعلى الحال الأولى حمل قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ (البقرة: من الآية 184)، على رأي ابن عباس، وعلى الحالة الثانية حُملت الآية المذكورة من قبل.

أما الحامل والمرضع ففيما يجب عليهما عند الفطر خلاف بين العلماء، وخلاصة المذاهب الفقهية في ذلك:

- أن الأحناف قالوا عليها القضاء فقط، سواء أكان الخوف على النفس والولد معًا أم على النفس فقط أم على الولد فقط.

- والشافعية قالوا عليها القضاء وتجب مع القضاء الفدية إذا كان الخوف على ولدها فقط.

- والمالكية قالوا عليها القضاء ولا فدية على الحامل بل على المرضع فقط.

- والحنابلة قالوا مثل قول الشافعية.

وما دام الأمر خلافيًّا فلا مانع من اتباع أي رأي من هذه الآراء.

تقبل الله منا ومنكم، وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والله تعالى أعلم.

---------

معنى حبس الشياطين في رمضان ولماذا تقع المعاصي؟

السؤال: ما معني تصفيد الشياطين في رمضان؟ وإذا كانت تحبس فعلاً فلماذا تقع المعاصي خلال الشهر الكريم؟

الجواب: شهر رمضان عظمه الله ورسوله، فقال جل شأنه: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ (البقرة: من الآية 185).

وجاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاء رمضان فتحت الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين".

ومعنى الحديث أنه خلال الشهر الكريم يفتح الله تعالى على عباده من الطاعات والخيرات ما يكثر خيرها ويعظم ثوبها، حتى يدخل الصائمون القائمون الجنة وينعموا بفضل الله عليهم ويكف الناس عن كثير من المخالفات، وتتربى فيهم ملكة الإرادة المؤمنة والمراقبة لحدود الله عز وجل، فلا يقعون في المعاصي التي تقودهم إلى النار؛ فالمسألة مرتبطة بفضل الزمان في شهر رمضان ومضاعفته الثواب للعمل الصالح وتوجه كثير من المؤمنين إلى الإقلاع عن المخالفات.

ومما يؤكد أن المراد بتفتيح أبواب الجنة هو المعنى المجازي ما جاء في رواية أخرى صحيحة: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الرحمة".

وتصفيد الشياطين أو وضعهم في سلاسل قد يُفهَم على المعنى المجازي الذي أشرنا إليه بمعنى انكفاف الناس عن المعاصي، وقد يُفهَم على حقيقته، ولكن ليس مرادًا به جميع الشياطين، بدليل الرواية الأخرى: "صفِّدت مَرَدَةَ الشياطين" أي المتمردون منهم.

ومما ينبغي ذكره أن الإنسان مسئول عن سلوكه مسئوليةً كاملة، وأن عوامل المعصية ترجع إلى الإنسان والبيئة الفاسدة، أما الشيطان فهو عامل إغراء فقط وليس هو كل أسباب المعصية، وسيتبرَّأ الشيطان من الإنسان يوم القيامة، ويتحمل الإنسان مسئوليته وحده، قال الله تعالى: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (إبراهيم: 22).

نسأل الله أن يصرف عنا شياطين الإنس والجن، والله هو الهادي إلى سواء السبيل، والله تعالى أعلم.

-----------

مبطلات الصيام

السؤال: ما هي مبطلات الصيام؟ وما هي مفسداته حتى يتجنبها المسلم ويصح صومه؟

الجواب: الصوم في الإسلام هو: الإمساك عن المفطرات المتعلقة بالبطن أو الفرج؛ ابتداءً من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع نية الصوم لله تعالى.

وعلى ذلك فمبطلات الصوم ومفسداته تتمثَّل في إتيان مفطرات البطن أو الفرج، وقد ذكر الفقهاء طائفة من مفسدات الصوم؛ منها:

1- الأكل أو الشرب عمدًا في نهار رمضان حتى ولو كان المأكول أو المشروب قليلاً، إلا إذا أكل أو شرب ناسيًا فإنه لا يفطر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه" وقوله أيضًا: "من أفطر في رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه ولا كفارة".

2- من مفسدات الصوم أيضًا إخراج شيء من بطن الإنسان عمدًا في حالة قيء المتعمد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "من ذرعه- أي غلبه- القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدًا- أي تعمد القيء- فَلْيَقْضِ" أما إخراج البلغم من الداخل وقذفه إلى الخارج فلا يفسد به الصوم لتكرار الحاجة إلى ذلك.

3- ومن مفسدات الصوم أيضًا المعاشرة الزوجية الخاصة في نهار رمضان؛ فقد أجمع الأئمة على أن من عاشر زوجته وهو صائم فسد صومه ووجب عليه القضاء والكفارة إذا كان متعمدًا ذلك، فإذا كان مخطئًا كأن ظن بقاء الليل أو دخول المغرب ثم تبيَّن له أنه قد عاشر زوجته نهارًا أيضًا فلا كفارة عليه وعليه القضاء فقط.

4- ومن مفسدات الصيام أيضًا الحيض والنفاس؛ فإذا جاءت الدورة الشهرية للمرأة فقد فسد صومها ولو كان نزول الدم قبل المغرب بوقت قليل، ويجب عليها الإفطار حتى ينقطع الدم عنها، وتكون آثمة شرعًا إذا صامت وهي حائض.

5- ومن مفسدات الصيام أيضًا حالة النفاس التي تعقب الولادة، ويجب على المرأة في هذه الحالة أن تقطع صومها وتفطر.

وبعد.. ففي جميع هذه الحالات يجب على الصائم قضاء صومه الذي فسد بصوم أيام بدلاً منها متتابعة أو متفرقة قبل دخول رمضان الذي يليه.

والله سبحانه وتعالى أعلى واعلم.

---------

سب الدين في نهار رمضان

السؤال: حدثت مشادة كلامية بين رجل وأخيه في نهار رمضان، وعلى أثرها قام الرجل بسب الدين وتقطيع ثيابه.. فما رأي الدين في ذلك؟ وماذا يصنع الرجل في صيام ذلك اليوم؟
الجواب: إن هذا التصرف الأحمق الذي يفزع إليه بعض الناس حين يُثار ويغضب أمر عظيم العواقب جليل المخاطر قد يترتب عليه الخروج من الدين، والحكم عليه بالردة عن دين الله تعالى، إذا كان قائل ذلك يعرف ما هو الدين الذي سبه وما هو الأثر المترتب عليه، فإذا كان يعرف قد خرج عن الدين الإسلام الحنيف بإجماع العلماء فلو مات في تلك اللحظة قبل عودته إلى الإسلام فإنه يموت كافرًا والعياذ بالله ومعنى ذلك أنه لا يغسل كما يغسل المسلم ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين كما يترتب على هذا الحكم أن تحبط أعماله التي عملها قبل ردته ومنها الصيام والصلاة والذكاء والحج لأن ﴿الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ﴾ كما جاء في القرآن الكريم في سورة آل عمران ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ الَهِ الإِسْلام﴾ (آل عمران: من الآية 19)، وهو قد فارق هذه الدنيا وهو ليس بمسلم فلا يحسب له شيء منها.

هذا كله فيمن سب الدين وهو يعرف المراد من الدين والأثر المترتب على ذلك.

أما إذا لم يكن يعرف ذلك وكان القصد هو إغاظة الطرف الآخر وإيذاءه بالشم والسب ليس في خاطره معنى الدين والأثر المترتب على السب فهذا يحكم على بالفسق ولا يحكم عليه بالردة أو الكفر لأنه أتى بمعصية وذنب عظيم.

ونقول لصاحب الرسالة: إن كان فاعل ذلك لا يعرف معنى الدين ولا الأثر المترتب على سبه فإنه يستغفر الله كثيرًا كما يكثر من الصدقة وعمل الخير لعل الله تعالى يعفو عنه وصيامه صحيح.

أما إن كان قد فعل ذلك وهو يعلم معنى الدين والأثر المترتب على السب فإنه قد بطلت أعماله ومنها الصيام في ذلك اليوم؛ فإن عاد للإسلام أعاد صيام ذلك اليوم.

ونسأل الله أن يطهر ألسنتنا من الكذب وأعيننا من الخيانة وقلوبنا من الرياء إنه سميع قريب، والله تعالى أعلم.

--------------

الصيام.. وأصحاب الأعمال الشاقة

السؤال: ما حكم الصيام بالنسبة للذين تقتضيهم ظروف العمل الوقوف أمام الأفران المرتفعة الحرارة؟

الجواب: قال الله تعالى ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ (الحج: من الآية 78)، وقال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم".

وقد قال العلماء: إن من غلبه الجوع والعطش له حكم المريض في جواز الفطر أو وجوبه تبعًا للحالة التي هو فيها، وليس من مقصود الصيام العسر على الناس والمشقة بل هو مدرسة للتهذيب والأخلاق وحرمان مشروع لمعانٍ سامية نبيلة، ولهذا أثبت في صحيح الحديث أن الناس شق عليهم الصيام عام فتح مكة فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب فقيل له بعد ذلك إن بعض الناس قد صام فقال "أولئك العصاة أولئك العصاة".

وفي صحيح مسلم عن أنس قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر قال: فنزلنا في يوم حار أكثرنا ظلاًّ صاحب الكساء ومن من يتقي الشمس بيده قال: فسقط الصُوَّام وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب فقال عليه الصلاة والسلام "ذهب المفطرون اليوم بالأجر".

ومن هذا المنطلق الإنساني نقول: إن الذين تقتضيهم ظروف العمل الوقوف أمام الأفران المرتفعة الحرارة أو يعملون أعمالاً لا يمكن أداؤها وهم صائمون ولا يمكن تأجيلها أو تخفيفها لمصلحة عامة أو خاصة جاز لهم الفطر وعليهم القضاء من أيام أخر ولا تسقط عنهم الفريضة بل عليهم أن يتحينوا الوقت المناسب لإبراء ذمتهم قبل حلول رمضان التالي وكل إنسان أدرى بمصلحته وبما ينفعه في دينه ودنياه وكل إنسان لديه حاسة يمكن بها أن يتعرف عذره، والله لا تخفى عليه خافية.

نسأل الله أن يقوِّي إيماننا جميعًا وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، والله تعالى أعلم.

----------

الترفيه في رمضان

السؤال: ما حكم مشاهدة الأفلام وسماع الأغاني في نهار رمضان؟

الجواب: الحكم العام على مشاهدة الأفلام والمسرحيات والمسلسلات وسماع الأغاني أنها إن كانت هذه المشاهدة والمسموعات تحمل كلامًا باطلاً أو تدعو إلى محرم أو كانت تؤثر تأثيرًا ضارًا على فكر الإنسان وسلوكه أو صرفته عن واجب أو صاحبها محرم كشرب أو رقص أو اختلاط سافر كانت حرامًا سواء أكان ذلك في رمضان أم في غير رمضان فإن خلت من هذه المحاذير كان الإكثار منها مكروهًا ولا بأس بالقليل منها للترويح.

وشهر رمضان له طابع خاص فهو قائم على صيام النفس عن شهواتها والتدريب على سيطرة العقل على رغباتها وليس ذلك بالامتناع فقط عن الأكل والشرب والشهوة الجنسية فذلك هو الحد الأدنى للصيام لا يكتفي به إلا العامة الذين يعملون لأجل النجاة من العقاب مع القناعة بالقليل من الثواب أما غيرهم فيحرصون على الكمال في كل العبادات فيمسكون عن كل شهوات النفس وبخاصة ما حرم الله كالكذب والغيبة ويسمو بعضهم في الكمال فيصوم حتى عن الحلال مقبلاً على الطاعة في هذا الشهر بالذات ليخرج منه صافي النفس والسلوك من الرذائل متحليًا بالفضائل فلا ينبغي أن نضيع فرصة هذا الشهر الذي يضاعف فيه ثواب الطاعة بصيام نهاره وقيام ليله بالتراويح وقراءة القرآن.

وضياع جزء كبير من الوقت في مشاهدة وسماع أنواع الترفيه خسارة للمؤمن العاقل وعلى المسئولين جميعًا أن يراعوا حرمه هذا الشهر فيهيئوا الفرصة للصائمين والقائمين أن يتقربوا إلى الله بالطاعات بدل هذا اللهو الذي مللناه طول العام.

ومهما يكن من شيء فإن مشاهدة وسماع هذه الأشياء لا يبطل الصيام إلا إذا حدث أثر جنسي بسببها ومع عدم البطلان فاتت فرص كثيرة لشغل الوقت بالعبادة وقراءة القرآن وسماع البرامج الدينية.

يقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الطبراني: "أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب فيه الدعاء ينظر الله إلى تنافسكم فيه ويباهي بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيرًا فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل" فليكن تنافسًا في رمضان في الخير لا في اللهو ولا في الإقبال على الملذات، والله أسأل أن يتقبل من ومنكم صالح الأعمال والله أعلم.

---------

ليلة القدر وكروية الأرض

السؤال: يلتمس المسلمون ليلة القدر في السابع والعشرين من رمضان ومعلوم أن الليل في نصف الكرة الأرضية يقابل النهار في النصف الآخر فهل يعني ذلك أن ليلة القدر تكون في جزء من الأرض فقط أم أنها تنتقل إلى النصف الآخر عند ما يحين فيه الليل؟

الجواب: أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين بالتماس ليلة القدر وإحيائها كي يحظى المسلم بالثواب الجزيل الذي أعده الله تعالى لعباده الصائمين القائمين ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وجاءت روايات عند النسائي وأحمد تزيد "وما تأخر".

وقد التمس الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة القدر في العشر الأوائل من رمضان فلم يصادفها، ثم التمسها في العشر الأوسط فلم يصادفها وأخيرًا بلغ أصحابه بوقوعها في العشر الأخير بل حددها لهم بأنها في الوتر من العشر الأخير وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأخير من رمضان". والقول بأن ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين من رمضان قول اجتهادي لا ينفي أقوالاً، ولعل في إخفاء هذه الليلة ما يحفز المسلم إلى دوام المراقبة واليقظة الدينية وكون الليل يتكرر على مستوى الكرة الأرضية لا يعني أن ليلة القدر تكون في جهة دون أخرى كما أن النهار يتكرر على مستوى الكرة الأرضية وكل مسلم مطالب بصيام نهار رمضان عندما يحل عليه ذلك النهار دون ارتباط بوجود النهار في بقعة أخرى من الأرض.

فالمسلم يطالب شرعًا بتحري هذه الليلة المباركة والتماسها على ضوء الواقع الجغرافي لمنطقته ويكون التحري بالاعتكاف في المساجد والمحافظة على الجماعة في الصلوات المكتوبة وتلاوة القرآن والدعاء إلى الله والتهجد ليلاً.

والمسألة ابتداءً وانتهاءً هي ثواب الله يتفضل به على عباده المؤمنين الأصفياء ويمنحه لمن شاء ليلاً أو نهارًا ولا حرج على فضل الله، قال تعالي ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62)﴾ (الفرقان).

نسأل الله أن يبلغنا ليلة القدر وأن لا يحرمنا أجرها والله تعالى أعلم.

------------

صيام المغتاب والنمام

السؤال: هل الغيبة وسائر المعاصي تفطر الصائم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "خمس يفطرن الصائم": وعد منها الغيبة؟

الجواب: لنعلم جميعًا أن الصيام عبادة تعمل على تزكية النفس وإحياء الضمير وتقوية الإيمان وإعداد الصائم ليكون من المتقين كما قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: من الآية 183). ولهذا يجب على الصائم أن ينزه صيامه عما يجرحه وربما يهدمه وأن يصون سمعه وبصره وجوارحه عما حرم الله تعالى وأن يكون عف اللسان فلا يلغو ولا يرفث ولا يصخب ولا يجهل وألا يقابل السيئة بالسيئة بل يدفعها بالتي هي أحسن وأن يتخذ الصيام درعًا واقية من الإثم والمعصية ثم من عذاب الله في الآخرة يقول صلى الله عليه وسلم: "الصيام جنة فإذا كان يوم صومه أحدكم فلا يرفث ولا يصخب وفي رواية (ولا يجهل) فإذا امرؤ سابه أو قاتله فليقل إني صائم مرتين" متفق عليه عن أبي هريرة.

ومن أجل ذلك: ذهب بعض السلف إلى أن المعاصي تفطر الصائم فمن ارتكب بلسانه حرامًا كالغيبة والنميمة والكذب أو استمع بأذنه إلى حرام كالفحش والزور أو نظر بعينه على حرام كعورات ومحاسن المرأة الأجنبية بشهوة أو ارتكب بيده حرامًا كإيذاء إنسان أو حيوان بغير حق أو أخذ شيئًا لا يحل له أو غير ذلك من أنواع المحرمات كان مفطرًا هذا ما ذهب إليه بعض السلف أن المعاصي كلها تفطر وأن على مرتكب شيء منها القضاء.

وأما الجمهور من العلماء: فرأوا أن المعاصي لا تبطل الصوم وإن كانت تخدشه وتصيب منه بحسب صغرها أو كبرها وقالوا إن المعاصي لا تبطل الصوم كالأكل والشرب ولكنها تذهب بأجره وتضيع ثوابه.

والحق أن هذه خسارة ليست هينةً لمن يعقلون ولا يستهين بها إلا أحمق فإنه يجوع ويعطش ويحرم نفسه من شهواتها ثم يخرج في النهاية ورصيده (صفر) من الحسنات!! عن الصيام في رمضان خاصة فرصته للتطهير من آثام أحد عشر شهرًا مضت فمن صام صيام المؤمنين المحتسبين كان جديرًا أن يخرج من الشهر مغفورًا له مطهرًا من الذنوب قال صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال والله تعالى أعلم.

----------

التأخير في العمل والاحتجاج بالصيام

السؤال: ما حكم المسلم الذي يؤخر إنجاز عمله ويتسبَّب في تأخير مصالح الناس بحجة الإرهاق وعدم القدرة على العمل بسبب الصيام؟

الجواب: أخرج أبو داود والترمذي وحسَّنه عن أبي صرمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ضارَّ مسلمًا ضارَّه الله، ومن شاقَّ مسلمًا شقَّ الله عليه" (رواه أحمد في المسند وابن ماجه والترمذي).

والمعنى المتبادر في هذا الحديث الشريف أن من أدخل على مسلم مضرَّة في ماله أو عرضه بغير حق ضارَّه الله، أي جازاه الله من جنس عمله، وأدخل عليه المضرة، ومن نازعه ظلمًا وتعديًا أنزل الله تعالى عليه المشقة جزاءً وفاقًا، وهل هناك مضرة للمسلم أشد من تعطيل عمله وعدم إنجاز مصلحته؟!

وفي الحديث إشارة واضحة إلى أن الضعفاء الذين تتعطَّل أعمالهم ولا قدرة لهم على الأعمال يتكفل الله تعالى بنفسه ليأخذ لهم حقوقهم وينتقم لهم من هؤلاء المتكاسلين المتراخين، وأي نوع من أنوع الصيام هذا الذي يتسبب في تعطيل مصالح الناس؟!

ألا فليعلم هؤلاء أن ما اكتسبوه من سيئات سبب تعطيلهم لمصالح الناس ربما يربو عن الحسنات التي يحصلون عليها من هذا الصيام، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش" (رواه ابن ماجه).

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن قوة الإيمان لدى بعض الناس في بعض الحالات لا تقاس بكثرة الصيام أو الصلاة أو الزكاة أو الحج، بل تقاس بحسن معاملتهم لغيرهم من الناس؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: "الدين المعاملة"، وهذا حق؛ لأن العبادات من صلاة وزكاة وحج خيرها قاصر على فاعلها، أما حسن المعاملة الحسنة فإن نفعها يتعدَّى إلى الغير، ويستفيد الغير من هذه المعاملة الحسنة.

وليس من حسن الأخلاق والمعاملة تعطيل مصالح المسلمين بحجة الإرهاق من الصيام، وخيرٌ للمسلم الذي يرهقه الصيام أن يجعل إجازته السنوية في شهر رمضان؛ فإنه يريح ويستريح، أما أنه لا يعمل ويأخذ أجره كاملاً في نهاية الشهر فإنه يُطعم أولاده من حرام، وعليه أن يتحمَّل الوزر في ذلك.

والله تعالى الموفق إلى الحق والهادي إلى سواء السبيل، والله تعالى أعلم.

-----------

ما الحكمة من الصيام؟

السؤال: الصيام جوع وحرمان، فكيف يكون درسًا للتقوى ووقايةً من الشرور والآثام؟

الجواب: الصيام يبدو سلبيًّا في مظهره، وهو عمل إيجابي في حقيقته وروحه؛ إذ هو كفُّ النفس عما تشتهيه بنية القرب إلى الله تعالى، فهو بهذا عمل نفسي إرادي له ثقله في ميزان الحق والخير والقبول عند الله تعالى.

ينبغي أن نتذكر دومًا غنى الله تعالى عن العالمين، وعليه فإن كل ما شرعه الله لنا هو لمصلحتنا ولخيرنا، ومما شرعه الله لنا (الصيام)، ومما قال فيه ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: من الآية 183) و﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ (البقرة: من الآية 184)، وقوله عليه الصلاة والسلام: "صوموا تصحوا".

وخيرات الصيام نعرف منها ما نعرف ونجهل منها ما نجهل، ويكشف الزمن عن بعضها ما يكشف.

هذا الإنسان فيه نفخة من روح الله، يقول تعالى: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ (الحجر :29)؛ فجسم الإنسان مسكن الروح أو مطيتها، والبيت عادةً يكون لمصلحة الساكن، والمطية لمنفعة الراكب لا العكس، نعم.. لكل منهما مطلب وغذاء، ولكن لا تخضع أشواق الروح لمطالب الجسد، وإنما تغلب أشواق الروح على مطالب الجسد، ويُعتنى بالساكن قبل الجدران، وبالراكب قبل المطية، يقول تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ (البينة: 7).

لهذا فرض الله الصيام ليتحرَّر الإنسان من سلطان غرائزه وينطلق من سجن جسده ويتغلب على نزعاته وشهواته ويتحكم في مظاهر حيوانيته ويتشبَّه بالملائكة؛ فليس عجيبًا أن يرتقيَ ويقترب من الملأ الأعلى ويقرع أبواب السماء بدعائه فتفتح، ويدعو ربه فيستجيب له ويناديه فيقول: "لبيك عبدي".

وفي هذا المعنى يقول عليه الصلاة والسلام: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم".

فالصوم فيه زكاة للنفوس وفيه تزكية للبدن، وتضييق لمسالك الشيطان، وقد روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "كنا شبابًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نجد شيئًا، فدخلنا عليه ذات يوم فنظر في وجوهنا ثم قال: "يا معشر الشباب.. من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء" أي حفظ ووقاية.

نسأل الله أن يزكيَ نفوسنا وأن يطهِّر قلوبنا ويتقبل منا صالح الأعمال، والله تعالى أعلم.

-----------

أفطرت على أذان دولة أخرى

السؤال: سمعت أذان المغرب في الإذاعة فتناولت طعام الإفطار، ثم علمت أنه من إذاعة دولة أخرى ولم يكن الوقت قد حان في البلد الذي أقيم فيه، فما رأي الدين؟

الجواب: يتحقَّق الصوم بالإمساك عن المفطرات بنية التعبد من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، قال الله تعالى: ﴿فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ (البقرة: من الآية 187).

وفي صحيح الحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقبل الليل وأدبر النهار وغابت الشمس فقد أفطر الصائم".

وعلى المسلم أن يتحرَّى معرفة طرفي النهار يقينًا أو ظنًّا غالبًا حتى تصح عبادته، فمن أفطر ظانًّا أن النهار قد انقضى وأن غروب الشمس قد تحقَّق ثم ظهر له خلاف ذلك وجب عليه أن يقضيَ يومًا آخر عوضًا عنه بعد شهر رمضان.

فالسائل الكريم الذي سمع أذانًا للمغرب من الإذاعة، وحسبه أذان التوقيت المحلي للبلد الذي يقيم فيه فأفطر ثم علم أنه أذان دولة أخرى فقد فسد صومه؛ لأنه تناول مفطرًا قبل غروب الشمس، وعليه قضاء يوم آخر، ولا إثم عليه.

كذلك فإن من تسحَّر ظانًّا بقاء الليل ثم تبيَّن له طلوع الفجر وأن سحوره وقع نهارً وجب عليه أن يقضيَ يومًا آخر لفساد صوم يومه من رمضان، وعليه أن يظل ممتنعًا عن المفطرات بقية يومه؛ لأن لشهر رمضان حرمةً خاصةً؛ فلا يجوز انتهاكها.

وهذا كله بخلاف الناسي الذي أكل أو شرب ناسيًا في نهار رمضان؛ فإن صومه صحيح ولا قضاء عليه؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه".

تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام والقرآن وصالح الأعمال، والله تعالى أعلم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبيرعادل مدنى
عضو برونزي
عضو برونزي
عبيرعادل مدنى


عدد المساهمات : 217
تاريخ التسجيل : 14/10/2010

فتاوى الصيام وأحكامه Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتاوى الصيام وأحكامه   فتاوى الصيام وأحكامه Icon_minitimeالثلاثاء 26 أكتوبر 2010 - 17:56

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فتاوى الصيام وأحكامه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تابع فتاوى الصيام وأحكامه
» فتاوى الصيام
» من فتاوى الصيام
» من فتاوى الحج والعمرة
» فتاوى رمضان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الدكتور ياسر عبدالله :: العلوم الدينية :: العلوم الدينية :: علوم الفقه الإسلامي-
انتقل الى: