الفصل السابع والأربعون: هل الجن تسترق السمع؟
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:أخبرني رجل من أصحاب النبي -" صلى الله عليه وسلم "- أنهم بينما هم جلوس ليلة مع النبي (r) رمى بنجم فاستنار فقال لهم رسول الله (r) : (ماذا كنتم تقولون في الجاهلية ؟) قالوا :كنا نقول :ولد الليلة رجل عظيم ،أو مات رجل عظيم قال رسول الله (r)
فإنها لا يرمى بها لموت أحد أو لحياته ،ولكن ربنا تبارك وتعالى إذا قضى أمرا سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ الخبر هذه السماء الدنيا،فيخطف الجن السمع فيقذفون إلى أوليائهم بما جاءوا به على وجهه ،فهو حق ولكنهم يقذفون فيزيدون )رواه مسلم .
قلت:وموضوع استراق السمع بعد أن ثبت بالأخبار الصحيحة أن الجن قادرون عليه سوف ييسر لنا فهم طرق الدجالين والمشعوذين الذي يعاشرون الجن كيف هم يحصلون على بعض الأمور الغيبية ؟ وهذا الغيب الذي يحصلون عليه يكون عن طريق سرقة الجن للسمع من ملائكة السماء الدنيا ولكن إن قيل أن السماء مليئة بالحرس ومنعت الشياطين من السمع ،قلت :من الممكن أن يخطف السمع كما يقول الله { إلا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ }الصافات10
ولكن إذا قيل أن الشهاب يتبع الشيطان فيحرقه وبذلك لا يستطيع توصيل الأخبار إلى الكهان أو المشعوذين.
قلت :الشهاب لا يحرقه كاملا ولكن يحرق وجهه وجنبه ويده والدليل على ذلك ،عن ابن عباس قال : إن الشياطين كانوا يصعدون إلى السماء ،فيستمعون الكلمة من الوحي فيهبطون إلى الأرض فيزيدون معها تسعا ،فيجد أهل السماء تلك الكلمة حقا والتسع باطلا فلم يزالوا كذلك حتى بعث الله محمد (r)فمنعوا تلك المقاعد ،فذكروا ذلك لإبليس فقال : لقد حدث في الأرض حدث ،فبعثهم فوجدوا رسول الله( r ) يتلوا القرآن بين جبلي نخل .
قالوا :هذا والله لحدث وإنهم ليرمون فإذا توارى النجم عنكم فقد أدركه لا يخطئ أبدا ولكنه لا يقتله يحرق وجهه وجنبه ويده . .(لقط المرجان. السيوطي صـ 107)
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:قلت: يا رسول الله إن الكهان كانوا يحدثون بالشيء فنجده حقا قال:تلك الكلمة الحق يخطفها الجني فيقذفها في أُذن وليه ويزيد فيها مائة كذبة )رواه البخاري
وأخرج أبو نعيم والبيهقي عن ابن عباس قال : كان لكل قبيلة من الجن مقعد من السماء يستمعون منه الخبر فيخبرون به الكهنة ،فلما بعث محمد (r) دُحروا.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : لم تكن سماء الدنيا(محروسة) في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام ،وكانوا يقعدون منها مقاعد للسمع ،فلما بعث محمداً(r) حرست السماء حرساً شديداً ورجمت الشياطين .(لقط المرجان. السيوطي صـ 107)
الفصل الثامن والأربعون: علاقة الشياطين بأهل البدع
يقول الشيخ مجدي الشهاوي (تتعدد صور اتصال الشياطين ببعض الناس من بني البشر فتظهر على أيديهم غرائب وعجائب بين الحين و الآخر منذ قديم الزمن وحتى أيامنا المعاصرة وقد يلتبس ذلك على الناس فيظنونها كرامات وهى في الغالب غير ذلك ) (العلاج الرباني الشهاوي صـ 16)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
أهل الضلال والبدع الذين فيهم زهد وعبادة على غير الوجه الشرعي ،ولهم أحيانا مكاشفات ،ولهم تأثيرات ،يأوون كثيرا إلى مواضع الشياطين التي نهى عن الصلاة فيها ،لأن الشياطين تتنزل عليهم بها ،وتخاطبهم ببعض الأمور كما تخاطب الكهان ،وكما كانت تدخل في الأصنام وتكلم عابدي الأصنام ،وتعينهم على بعض المطالب ،كما تعين السحرة ،وكما تعين عباد الأصنام ، وعباد الشمس والقمر والكواكب إذا عبدوها بالعبادات التي يظنون إنها تناسبها من تسبيح لها ولباس وبخور وغير ذلك ،فإنه قد تتنزل عليهم شياطين يسمونها روحانية الكواكب ،وقد تقضى بعض حوائجهم إما قتل بعض أعدائهم أو إمراضه ،وإما جلب بعض ما يهوونه وإما إحضار بعض المال ،ولكن الضرر الذي يحصل لهم ذلك أعظم من النفع ،بل قد يكون أضعاف أضعاف النفع)
ثم يقول :وقد يستغيثون ببعض العباد الضالين من المشركين وأهل الكتاب وأهل الجهل من عباد المسلمين فإذا استغاث به مجيب فقال :يا سيدي فلان ،فان الجني يخاطبه بمثل صوت ذلك الإنسي فإذا رد الشيخ عليه الخطاب أجاب ذلك الإنسي بمثل ذلك الصوت ،وهذا وقع لعدد كثير أعرف منهم طائفة.
وكثيرا ما يتصور الجن بصورة المدعو المستغاث به إذا كان ميتا، وكذلك قد يكون حيا ولا يشعر بالذي ناداه، بل يتصور الشيطان بصورة، فيظن المشرك الضال المستغيث أن الشخص نفسه أجابه، وإنما هو الشيطان.
وهذا يقع للكفار المستغيثين بمن يحسنون به الظن من الأموات و الأحياء كالنصارى المستغيثين بجرجس وغيره من قداديسهم ويقع لأهل الشرك والضلال من المنتسبين إلى الإسلام ،الذين يستغيثون بالموتى والغائبين وكذلك يتصور بصورته ويقف بعرفات فيظن من يحسن به الظن أنه وقف بعرفات ،وكثير منهم حملته الشيطان إلى عرفات أو غيرها من الحرم ،فيتجاوز الميقات بلا إحرام ولا تلبية ولا يطوف بالبيت ولا بالصفا والمروة ،ومنهم من لا يعبر بمكة ،وفيهم من يقف بعرفات ويرجع ولا يرمى الجمار .
ويقول
وأنا أعرف من هذا وقائع متعددة، حتى أن طائفة من أصحابي ذكروا أنهم استغاثوا بي في شدائد أصابتهم.،أحدهم كان خائفا من الأرمن،و الآخر كان خائفا من غير ذلك فقيل:ذكر كل منهم أنه لما استغاث بي رآني في الهواء وقد دفعت عنه عدوه ،فأخبرتهم إني لم أشعر بهذا ،ولا دفعت عنهم شيئا ،وإنما هذا الشيطان تمثل لأحدهم فأغواه لما أشرك بالله تعالى !! وهكذا جرى لغير واحد من أصحابنا المشايخ مع أصحابهم فقيل:قد يكون ملكا فقلت:الملك لا يغيث مشركا إنما هو شيطان ) (العلاج الرباني. مجدي الشهاوي صـ17)
قلت :ومن هذا كله نستطيع أن نفهم كثير من الأفعال التي يفعلها بعض أهل الجهل والبدع من أكل الجمر وضرب بعضهم لبعض بالسيف حتى ينفذ من ظهره دون أن يشعر بألم أو يطعنه بحديدة حتى تخرج من خده الآخر دون أن يشعر بألم وكل هذه الأفعال يكون للجن فيها عمل كبير والله ورسوله منهم برآء ،وبالله عليك كيف يرضى الله ورسوله بهذه المهانة وهل من المعقول أن يكون الله رب العالمين الذي أمرنا في قرآنه بقوله " {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125 " لا يعقل أن يرضى بأعمال الدجل والشعوذة والسحر، ومن يدعي أن هذه كرامات نقول إن العبد لا يظهر الكرامات متى شاء ،ولكن الله يظهرها على يديه ، ومن هنا نفهم أن تلك الأعمال يستعان فيها بالجن والشياطين. "
وقال شيخ الإسلام :وأهل "العبادات البدعية" يزين لهم الشيطان تلك العبادات ويبغض إليهم السبل الشرعية حتى يبغضهم في العلم والقرآن والحديث فلا يحبون سماع القرآن والحديث ولا ذكره ،وقد يُبغضن إليهم حتى الكتاب فلا يحبون الكتاب ولا من معه كتاب ،ولو كان مصحفاً أو حديثاً . (عالم الجن أسراره وخفاياه . أبو البخاري صـ 115)
{يرحم الله ابن تيمية كأنه يتكلم عن واقعنا الآن}
وكذلك حكى السري السقطي : أن واحداً منهم دخل عليه فلما رأى عنده محبرة وقلماً خرج ولم يقعد ؛ وذلك لأنهم استشعروا أن هذا الجنس فيه ما يخالف طريقهم فصارت شياطينهم تهربهم من هذا ،كما يهرب اليهودي والنصراني ابنه أن يسمع كلام المسلمين. (كيفية صرع الجن للإنسان ص40)
الفصل التاسع والأربعون: خوارق العادات الستة
قلت: وإذا أردنا أن نكون في مأمن على ديننا وعقيدتنا فعلينا أن نعلم خوارق العادات ونفهمها جيداً وهي ست أشياء:
1- الإرهاصات. 2-المعجزات .
3-الكرامات. 4- السحر.
5- الاستدراج. 6- الإهانة.
وإليك شرحها مفصلة حتى تعلم الفرق بينهم جميعاً:-
أولا:الإرهاصات (المبشرات ):
هي أمر خارق للعادة يجريه الله للأنبياء في طفولتهم تمهيداً لنبوتهم.
وهذه الإرهاصات خاصة بالأنبياء فقط وهي تأتي لتدلل على أن هذا المولود سيصبح نبياً وهي تحدث لكل الأنبياء في ميلادهم وطفولتهم ،وإذا أردنا ذكر نماذج منها فمثل ما حدث لنبينا محمد- صلى الله عليه وسلم-حيث أن كل مولود يستهل صارخاً إلا أن كان من العجيب أن يستهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ساجداً لله حين خرج من بطن أمه ، وهذه هي الإرهاصات (المبشرات ) حيث تبشر بأن هذا المولود سيصبح له شأن عظيم ألا وهو النبوة ومنها أيضا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-إذا أرضعته امرأة زاد اللبن في ثديها . ومنها عندما أصبح غلاماً إذا سار على الأرض في الرمل لم يكن له أثر ،ولكن إذا سار على الصخر غاصت قدمه فيه .
ومنها ما كان لنبي الله عيسى – عليه السلام- حيث ولد من أم بلا أب، وأنه تكلم في المهد.
ومنها ما كان لنبي الله موسى –عليه السلام- عندما ولدته أمه وخافت عليه من جنود فرعون ، فطرق الجنود الباب ففزعت فأرادت أن تخبأه فألقته في التنور –الفرن- وكانت مشتعلة وبعد ما فتش الجنود البيت وخرجوا ،تذكرت أن التنور مشتعلة فأسرعت إلى ابنها فوجدته سليماً لم تمسه النار بشيء ، وهذا دليل على أن هذا المولود سيصبح له شأن عظيم.
وغير ذلك من الأمور مثل إلقائه في التابوت ثم إلقائه في اليم.
وهذه الإرهاصات تكون للأنبياء قبل الرسالة أما ما يحدث لهم من خوارق العادات بعد الرسالة فهو المعجزة.
ثانيا:المعجزة:
هي أمر خارق للعادة يجريه الله على يد أنبيائه لتكون دليلاً على صدق ما جاءوا به ويتحدوا به من عارضهم ويستعجزهم عن الإتيان بمثلها .
مثل القرآن الكريم فهو معجزة للنبي محمد –صلى الله عليه وسلم - ،وإحياء الموتى وإبراء الأكمه و الأبرص كانت معجزة للنبي عيسى –عليه السلام- والعصا التي تتحول إلى ثعبان مبين كانت معجزة للنبي موسى –عليه السلام –وغير ذلك كثير .......
ثالثا:الكرامة:
هي أمر خارق للعادة يجريه الله على يد رجل ظاهر الصلاح ليثبته به.
ويعرفهم الله بقوله " {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }يونس62 وإذا سألنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن التقوى تجده يقول "التقوى هاهنا ويشير إلى صدره " وإذا سألناه عن الإيمان تجده يقول " الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل " وهذا دليل ضد من أنكر العمل فهو بذلك قد خرج عن عقيدة أهل السنة والجماعة في الاعتقاد. و عليه أن يعلم أن " الإيمان قول وعمل" كما نص على ذلك الإمام البخاري في (الجامع الصحيح ).
ومن العجيب أن من ينكر العمل من هؤلاء الجهلاء يدعون الولاية فيقول لك أنا ولى من أولياء الله ولكنه لا يصلي ولا يصوم وتجده ينتهك الحرمات ولا يراعي شرع الله في قوله ولا في عمله ، إذن الولي : هو من يخشى الله في كل أحواله سره وعلانيته فتجده يؤمن بالله ويعمل الصالحات ويتقي ربه .
فهذا الرجل إذا حدث له إنخراق للعادة فهذه تسمى كرامة وهي التي يجريها الله على يديه متى شاء الله لا متى شاء هو ،أما من كان على خلاف ذلك حيث أنه لا يؤمن بالله ولا يعمل الصالحات ولا يتقي ربه ويدعي أنه قد وصل إلى قمة الولاية فهذا رجل مبتدع وليس متبع للنبي محمد –صلى الله عليه وسلم – حيث كان رسول الله يصلي إلى آخر صلاة في حياته حتى إنه كان يهادى –يسند- بين الرجلين حتى يقام في الصف -صلى الله عليه وسلم- . وكان –صلى الله عليه وسلم-يوصي بالصلاة وهو في الرمق الأخير من حياته فكان يقول –صلى الله عليه وسلم- "الصلاة الصلاة ،وما ملكت أيمانكم ".
وقد سئل الإمام الجنيد عن أناس يقولون أنهم قد وصلوا إلى قمة الولاية وبذلك قد سقط عنهم العمل فقال :لو عشت ألف عام ما تركت شيئاً مما أعمل .
وكل الصحابة والتابعين ما كانوا يعلمون هذا القول الفج المنكر الذي يدعوا إلى ترك عبادة الله فقد ظلوا يعبدون الله مخلصين له الدين إلى آخر لحظة في حياتهم ،إذن فهذا القول الذي يدعوا إلى ترك العمل هو قول باطل جملةً وتفصيلاً ،وأوضح دليل على أن صاحبه متبع للشيطان تاركاً لطريق الرحمن ورسوله وصحابته الكرام.
رابعا:السحر:
هو أمر خارق للعادة يجريه الله على يد رجل فاسق ليمد له في ضلاله.
وهو الذي يقوم به الفسقة والفجرة والكفرة معتمدين على بعض التمائم والعزائم والطلاسم التي هي عبارة عن رسومات وكلمات غير مفهومه حتى وإن خالطها بعض آيات القرآن فإن الشرك في الكلمات غير المفهومة ،فعندما تعلم الشياطين كفره تساعده على بعض الأعمال وتخرق له العادة –ولكن في حد معين لا يصل إلى المعجزة – وهذا الرجل يكون بعمله هذا قد خرج من الإسلام لأنه أشرك الجن بعبادة ربه فدعاهم وذبح لهم واستعان بهم .
خامسا:الاستدراج:
هو أمر خارق للعادة يجريه الله على يد رجل فاسق على وفق مقصوده استدراجاً له .
وهذا يكون لبعض الناس الذين ينعم الله عليهم فلا يشكروه ، ويتمادوا في عصيانهم ولذلك يقال : " إذا رأيت العبد ينعم عليه وهو يتمادى في عصيانه فاعلم أنه مستدرج " و الاستدراج هو أن يستدرجهم الله –سبحانه وتعالى – كما يقول {وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } الأعراف182 فتجد بعض الناس تفتح لهم الأبواب المغلقة مع أنه عاصي لربه غير ملتزم بحدوده وكلما زاد في طغيانه زاد الله في إعطائه مصداقاً لقوله تعالى { إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا {الطارق/15} وَأَكِيدُ كَيْدًا {الطارق/16} فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا {الطارق/17}
وقوله تعالى {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ }هود102
وقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم –" إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته "
فإن الله يمده ويمده حتى إذا أخذه لم يفلته .
سادسا:الإهانة:
هو أمر خارق للعادة يجريه الله على يد رجل فاسق على عكس مقصوده إهانة له .
وهذا كما كان يحدث لمسيلمة الكذاب حيث أنه كان يتفل في عين المريض فتعمى الأخرى ، فهذا خرق للعادة ولكن على عكس مقصوده ،فإن الله قد أجرى على يديه هذا الأمر الخارق للعادة لكي يهينه أمام الناس الذين قد صدقوه وظنوه نبياً. (عالم الجن أسراره وخفاياه . أبو البخاري صـ120 -123)
الفصل الخمسون: استخدام الإنسان للشيطان يقابلها استعباد الشيطان للإنسان
يقول الشيخ وحيد عبد السلام بالي :" طريقة السحرة والكهان تقوم أساساً على الاستعانة بالجن والشياطين ،وهذا شرك لأنه استعانة بغير الله ،و الأدهى من ذلك أن الشياطين لا تخدم الساحر حتى يكفر إما بقول وإما بفعل ،وكلما كان الساحر أعصى لله كانت الشياطين منه أقرب وله أطوع ،وكنا نسمع ونحن أطفالا أن رجلاً ساحراً مشهوراً كان لا يقوم بسحره ولا تأتيه الشياطين حتى يصنع من المصحف حذاء فيلبسه في قدميه ويدخل به المرحاض ولذلك كانت الشياطين تخدمه وتحضر له الشيء إلى بيته.وهذا كفر صريح معلوم حتى لدى الساحر نفسه ، ولكن الأمر المحزن أن من السحرة من يكفر بالله وهو لا يدري ،فهذه العزائم التي يقولونها وتلك الطلسمات التي يكتبونها معظمها بل كلها شرك وكفر صريح ولكنها بحروف غير مفهومة وقد يدخلون فيها شيئاً من القرآن حتى يظن الجهال أنهم لا يستخدمون إلا القرآن ،ولقد رأيت كثيراً من هذه العزائم وما رأيت عزيمة حتى الآن خالية من الشرك ،و المقصود أن الساحر الذي ينطق بهذا يكفر وإن كان لا يعلم أنه كفر ، فتراه يصلي ويصوم وهو مشرك كافر والعياذ بالله ،فهذا الذي خسر دينه ودنياه ،وذلك هو الخسران المبين" (الوقاية وحيد عبد السلام بالي صـ 47)
الفصل الواحد والخمسون: تعرض الشيطان لنبي الله نوح (عليه السلام)
قال:إبليس لنوح عليه السلام: روى أبو الفرج ابن الجوزى بسنده عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال
لما ركب نوح عليه السلام في السفينة رأى فيها شيخاً لم يعرفه ،فقال نوح :ما أدخلك ؟قال :دخلت لأصيب قلوب أصحابك فتكون قلوبهم معي وأبدانهم معك فقال له نوح عليه السلام:أخرج يا عدو الله.فقال إبليس خمس أهلك بهن الناس وسأحدثك بثلاث ولا أحدثك باثنتين.فأوحى الله –تبارك وتعالى – إلى نوح عليه السلام:أنه لا حاجة لك إلى الثلاث مره يحدثك بالاثنين فقال بهما أهلك الناس:الحسد والحرص؛ فبالحسد لعنت وجعلت شيطاناً رجيماً، وبالحرص أبيحت لآدم الجنة كلها فأصبت حاجتي منه فأخرج من الجنة )
الفصل الثاني والخمسون: تعرض الشيطان لنبي الله إبراهيم(عليه السلام)
فقد تعرض للخليل إبراهيم عليه السلام يوم أن أراد أن ينفذ أمر الله في ولده، وذهب ليذبحه..فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال :" لما أتي إبراهيم عليه السلام المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة، فرماه بسبع حصيات ،حتى ساخ في الأرض ، ثم عرض له عند الجمرة الثانية ،فرماه بسبع حصيات، حتى ساخ في الأرض ، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة ، فرماه بسبع حصيات، حتى ساخ في الأرض " قال ابن عباس – رضي الله عنهما - : الشيطان ترجمون ملة أبيكم إبراهيم تتبعون. (معجزة الشفاء بالقرآن .بحيري صـ 78)
الفصل الثالث والخمسون: تعرض الشيطان لنبي الله موسي (عليه السلام)
روى أبو بكر القرشي بسنده إلى ابن عمر رضي الله عنه قال : لقي إبليس موسى فقال :يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالته وكلمك تكليماً وأنا من خلق الله فأذنبت وأنا أريد أن أتوب فاشفع لي عند ربك –عز وجل – أن يتوب على .فدعا موسى ربه فقيل :يا موسى قد قُضِيَت حاجتك .فلقي موسى إبليس فقال :قد أمرت أن تسجد لقبر آدم ويتاب عليك ،فاستكبر وغضب وقال : لم أسجد له حياً ءأسجد له ميتاً ؟!
ثم قال إبليس :يا موسى إن لك حقاً بما شفعت إلى ربك فاذكرني عند ثلاث ولا أهلك فيهن ،اذكرني حين تغضب فإن وحيي في قلبك وعيني في عينيك ،وأجري منك مجرى الدم ،واذكرني حين تلقى الزحف –أي الجهاد – فإني آتي ابن آدم حين يلقى الزحف فأذكره ولده وأهله حتى يولي ،وإياك أن تجالس امرأة ليست بذات محرم فإني رسولها إليك ورسولك إليها . (الوقاية وحيد عبد السلام بالي صـ 118)