الفصل الخامس والخمسون: تعرض الشيطان لنبي الله عيسى (عليه السلام)
روى أبوبكر الباغندى عن سفيان بن عيينة- رحمه الله -قال : لقي عيسى بن مريم إبليس فقال له إبليس :أنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تكلمت في المهد صبيا ولم يتكلم أحد من قبلك ؟قال :بل الربوبية والعظمة لله الذي أنطقني ثم يميتني ثم يحييني .
قال :فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تحيى الموتى ؟قال :بل الربوبية لله الذي يميتنى ويميت من أحييت ثم يحيني قال له إبليس :والله إنك لإله من في السماء وإله من في الأرض فصكه جبريل بجناحه فما تناهى دون قرن الشمس .
الفصل السادس والخمسون: تعرض الشيطان لنبي الله محمد (r)
روى مسلم في صحيحه عن أبى الدرداء رضي الله عنه قال:قام رسول الله (r)يصلى فسمعناه يقول
أعوذ بالله منك ،ثم قال :ألعنك بلعنة الله وبسط يده ،ثلاثا كأنه يتناول شيئا فلما فرغ من الصلاة قلنا :يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك ،قال: إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت :أعوذ بالله ثلاث مرات ثم قلت : ألعنك بلعنة الله التامة ،فلم يتأخر ثلاث مرات ثم أردت أخذه و والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثوقا يلعب به ولدان أهل المدينة )رواه مسلم .
الفصل السابع والخمسون: ما الحكمة في معرفة أن الشيطان تعرض للأنبياء
قلت : ومما سبق تتجلى حكمة عظيمة ،وهي أن الشيطان لم ييأس من فتنتة وإغواء الأنبياء مع أنه يعلم يقينا أنهم معصومون من الوقوع في المعاصي وهذا يدل على إصراره الشديد على الفتنة ، فكيف الحال بالإنسان العادي ؟
ولذا يقول النبي (r) " ما تركت فتنة أشد على الرجال من النساء وإن فتنة بني إسرائيل كانت بالنساء"
عن سعيد بن المسيب قال:" ما بعث الله نبياً إلا لم ييأس إبليس أن يهلكه بالنساء " .
ومن هنا فلنعلم جميعا أن الإنسان الذي يغتر بنفسه ويجترح السيئات ويتقرب للنساء ويقول عن نفسه أن الشيطان لا يستطيع أن يغويه فهذا مغرور.
ومن هنا فعلى الجميع أن يأخذ حذره من الشيطان ،ولذا يقول الله تعالى:} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور/21}
الفصل الثامن والخمسون: بحث دقيق لأنواع الرؤى الثلاث وكشف رؤيا الشيطان
وهذا بحث دقيق جدا نرجو من خلاله أن نوضح للناس أن الرؤيا التي يراها النائم ليست شيء واحد بل هي ثلاث أنواع، من الله- سبحانه وتعالى - ، ومن الشيطان ، ومن أحاديث النفس ،حيث أن لكل نوع مما سبق علامات ودلالات معينة ، وأوقات على مدار اليوم ،نحكم من خلالها على الرؤيا من أي الأنواع هي وفي هذا البحث نبدأ بـ :-
* تعريف الرؤيا: -
قال ابن منظور – رحمه الله -:" والرؤيا والحلم عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء، ولكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن، وغلب الحلم على ما يراه من الشر والقبيح " (أصول بلا أصول. إسماعيل المقدم صـ 11)
* الدليل من السنة على أنواع الرؤى الثلاث:-
قال رسول الله (r):" الرؤيا ثلاث : فالرؤيا الصالحة بشرى من الله ، ورؤيا تحزين من الشيطان ، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه" رواه البخاري .
وفي حديث عوف ابن مالك – رضي الله عنه – مرفوعا :" إن الرؤيا ثلاث : منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم ، ومنها ما يهُمّ به الرجل في يقظته ، فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة" أخرجه البخاري في التاريخ.
قلت : ومعني أنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ، أن فترة الوحي بالرسالة النبوية كان ثلاثة وعشرون عاما ، وفترة الرؤيا للرسول كما ذكرت السيدة عائشة كان ستة أشهر(أي نصف سنة ) ،إذن الرؤيا تعتبر جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة .
ومما سبق تعلم أن الرؤيا ثلاث أنواع:-
1- فالرؤيا الصالحة بشرى من الله.
2- رؤيا تحزين من الشيطان.
3- رؤيا مما يحدث المرء نفسه.
1- فالرؤيا الصالحة بشرى من الله:-
**" وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا {الإسراء/60}
**" وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ {الصافات/104} قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ {الصافات/105}
**"لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا {الفتح/27}
**" قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ {يوسف/5}
**" وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ {يوسف/43}
ومن كل ما سبق من الآيات الكريمة يتبين لك كيف أكثر القرآن من ذكر الرؤى .
وهي الرؤيا أو وهي النوع الوحيد التي لها تأويل وتفسير، أما النوعان الآخران فلا تأويل لهما ولا تفسير.
علامات الرؤيا من الله :
1- يكون وقتها ما بين العشاء والفجر، أو ما بين الظهر والعصر.
2- يكون لها تفاصيل محددة.
3- يكون وقت الرؤيا قصير.
4- أحداثها مرتبة وواضحة.
5- لا ينساها النائم بعد الاستيقاظ من النوم.
6- لا تنتهي الرؤيا بالاحتلام بمعنى لا يستيقظ منها محتلما.
7- لا تنتهي بفزع وصراخ بمعني لا يستيقظ منها على فزع أو صراخ.
2- رؤيا تحزين من الشيطان:-
**"قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ {يوسف/44}
وفي حديث عوف ابن مالك – رضي الله عنه – مرفوعا :" إن الرؤيا ثلاث : منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم ، ومنها ما يهُمّ به الرجل في يقظته ، ........"
علامات الرؤيا من الشيطان:
1- قد تأتي في أي وقت للنائم إذا نام ولكن تكثر بعد الفجر.
2- غالبا لا يكون لها تفاصيل محددة.
3- غالبا يكون وقت الرؤيا طويل.
4- أحداثها غير مرتبة وغير واضحة وليس لها أي معنى محدد.
5- غالبا ينساها النائم بعد الاستيقاظ من النوم أو ينسى أجزاء منها.
6- قد تنتهي الرؤيا بالاحتلام بمعنى يستيقظ منها محتلما.
7- قد تنتهي بفزع وصراخ بمعني يستيقظ منها على فزع أو صراخ.
8- غالبا يشاهد فيها حيوانات تطارده مثل الكلاب والثعابين والعقارب.
3- رؤيا مما يحدث المرء نفسه:-
وهذه الرؤيا التي يشاهدها كل إنسان منا عندما يمر بظروف ضغط في الحياة مثل الامتحانات أو المشاكل الحياتية والدليل على ذلك هو تلك الحديث.
قال رسول الله(r):" الرؤيا ثلاث : فالرؤيا الصالحة بشرى من الله ، ورؤيا تحزين من الشيطان ، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه" رواه البخاري .
علامات الرؤيا التي يحدث بها المرء نفسه:
1- قد تأتي في أي وقت للنائم إذا نام ليلا أو نهارا.
2- غالبا لا يكون لها تفاصيل محددة.
3- غالبا يكون وقت الرؤيا طويل.
4- أحداثها غير مرتبة وغير واضحة وليس لها أي معنى محدد.
5- غالبا تأتي مشاهدها مما يعاني منه المرء في يقظته مثل الامتحانات أو التجهيز لفرح، أو لحفل وهكذا....
الفصل التاسع والخمسون: هل يستطيع الشيطان أن يتمثل بالنبي (r)
أخرج الشيخان عن أبى قتادة قال: قال رسول الله(r)
من رآني فقد رأى الحق )و في لفظ
من رآني في المنام ؛فسيراني في اليقظة ، فإن الشيطان لا يتمثل بى)أخرجه البخاري من حديث أبو هريرة.
وأخرج الطبراني في(الصغير)عن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله (r) : ((من رآني في منامه فقد رآني,فان الشيطان لا يتمثل بي ولا بالكعبة)).
قلت : وهذه الأحاديث الصحيحة في هذا الموضوع وهي أن الشيطان لا يتمثل بالنبي(r) قد أفادت فائدة عظيمة وهذا في قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
(فإن الشيطان لا يتمثل بى)) ومعنى أن يذكر رسول الله (r)عدم تمثل الشيطان به ، يعني أن الشيطان يستطيع أن يتمثل بالناس ويأتيهم في المنام ,وهذا هو الذي يوضح لنا رؤيا الصالحين في المنام بعد مماتهم ويطلبون من أهلهم أو محبيهم أو تلاميذهم ،إما بناء ضريح أو بناء مقام في المسجد أو على القبر أو في مكان ما سوف يجدونه معلماً بعلامة ما وهذا ما يسميه الناس ((الشيخ فلان علّم)) أي وضع علامة ما لإقامة الضريح عليها فكيف نفسر هذا الكلام؟
كما قلنا سابقاً قول رسول الله (r)
فإن الشيطان لا يتمثل بي) فهذا يدل على أنه لا يستطيع التمثل برسول الله, ولكن هذا أيضا يدل على أن الشيطان له المقدرة على التمثل بصورة الناس و الإتيان في منامهم ,فعندما يموت الرجل الصالح يأتي الشيطان أهله في المنام وقد يتمثل بصورته فيقول (ابنوا لي مقاماً في المكان الفلاني والدليل هو إني سأضع علامة كذا) فيأتي أهله هذا المكان فيجدوا العلامة التي ذكرها من رش ماء أو غرس جريدة خضراء أو وجود حجر بمواصفات معينة أو شمعة تضيء أو أي شيء آخر مميز كما يذكره في المنام ,فمن هنا يوقن الناس بأن هذا من الرجل الصالح و في الواقع هذا كله من الشيطان ليضل الناس ويفتنهم عن توحيد ربهم,ولو عمل الناس بقوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إلا رِجَالا نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }النحل43 لما حدث كل هذا الباطل ولكن من هم أهل الذكر في هذه الحالة وهى الرؤيا المنامية فستجد أنهم((علماء تفسير الأحلام))ولو سألناهم عن تعبير هذه الرؤيا ((وهى أن الميت يأتي في المنام ويقول اصنعوا ضريحاً أو تراه هو نفسه يصنع ضريحاً فتظن أنت أنه يأمرك بذلك))وسنجدهم يقولون((قال الأستاذ أبو سعد رحمه الله: الأصل في رؤيا الميت والله أعلم أنك إذا رأيت ميتاً في منامك يعمل شيئاً حسناً فإنه يحثك على فعل ذلك وإذا رأيته يعمل عملاً سيئاً فإنه ينهاك عن فعله ويدلك على تركه))ا.هـ
ولكن من الذي يحكم على الفعل هل هو حسن أم سيء؟ الذي يحكم بذلك هي الشريعة الإسلامية أي إذا كان الفعل مطابقاً للأحكام فهو حسن وإن كان مخالفاً لها فهو سيء.
ومن هنا نفهم أن هذه الرؤيا التي يراها الناس ويظنوا إنها حق هي في الأصل تمثل من الشيطان بصورة الرجل الصالح حتى يضل الناس، تنفذ بدون وعى ولا بصيرة فلا يسألون هل هذا حلال أم حرام؟
وبقي سؤال لماذا لا يتمثل الشيطان برسول الله (r)؟
لأن رؤيا رسول الله(r) في المنام نعمة عظيمة حيث يقول الأستاذ سعد y:قد بعث الله محمداً(r)رحمة للعالمين فطوبى لمن رآه في حياته فأتبعه وطوبى لمن يراه في منامه ) .وذلك لأن رؤيا رسول الله لها قيمة شرعية أي أن رؤيته عليه الصلاة والسلام لها حكم شرعي فلابد أن يمنع الشيطان من التمثل به (r) حتى يكون الحكم يقيناً لا يحتمل الشك فلا يقال: هل الذي رأيته هو رسول حقاً؟ فجاء الأمر بمنع الشيطان عن التمثل به (r) . ولكن ما هو هذا الحكم الشرعي ؟
عن أبى هريرة قال: سمعت رسول الله (r) يقول: من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل ).
قال أبو سلمة قال أبو قتادة قال رسول الله (r)(من رآني فقد رأى الحق ).
عن أنس بن مالك أن النبي (r) قال : ( من رآني في المنام فلن يدخل النار ) .
عن سعيد بن قيس عن أبيه قال : (قال رسول الله (r) : (لن يدخل النار من رآني في المنام )
ومن هنا نرى خطورة تمثل الشيطان بالنبي (r) لأنه إن كان قادرا عليه لتمثل لجميع الناس على صورة النبي (r) و أخبرهم بأن من رأى النبي (r) لن يدخل النار ومن هنا يفتنهم الشيطان ويجعلهم يثقون في أنهم لن يدخلوا النار ،وبذلك يمدهم في المعاصي والذنوب وترك الطاعات والعبادات اعتمادا على بطاقة الأمان من النار التي أخذوها .
وبذلك كانت رؤية الرسول في المنام شيء لا يستطيع الشيطان أن يقلده حتى يفادى الله المسلمين كل المخاطر السابقة فجعل الله رؤية الرسول (r) في المنام حق لا شك فيه وبناء على ذلك فإن رؤية رسول الله (r) في المنام نعمة يمن الله بها على عباده الصالحين حتى تكون طمئنتا لقلوبهم وتثبيتاً لهم ،فلذلك تجد قلما يرى أحد رسول الله (r) في منامه ،وكثيراً ما يتمنى الناس رؤيته (r) حتى ينالوا الخير العميم والنجاة من النار ،ورؤيته (r)خير في كل أحوالها فلو رآها كافر كانت دليلاً على إسلامه ولو رآها عاصٍ لكان ذلك دليلا على توبته ،ومن هنا نرى أن رؤيته (r) لابد أن تحاط بالحفظ حتى لا يتدخل الشيطان ويفسدها ويشكك في حقيقتها ويقين حدوثها . (عالم الجن أسراره وخفاياه . أبو البخاري صـ 140 )
الفصل الستون: هل تصفد الشياطين في رمضان؟
أخرج الترمذي وابن ماجة عن أبى هريرة رضي الله عنه عن رسول الله (r) قال : (إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن ).
وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله (r): (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الرحمة ،وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين)متفق عليه
قال: هريرة رضي الله عنه أن النبي (r)قال: (أعطيت أمتي خمس لم تعطهن أمة قبلهم ، خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك،وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا،ويزين الله كل يوم جنته ثم يقول :يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنه المؤنة و الأذى ويصيروا إليك ،وتصفد فيه مردة الشياطين لا يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره ،ويغفر لهم في ليلة ،قيل يا رسول الله ،أهي ليلة القدر ؟قال :لا ولكن العامل إنما يوفي أجره إذا قضى عمله )رواه أحمد
قال العلامة محمد بن مفلح رحمه الله تعالى: (الجن تسلسل وتغل في رمضان على ظاهر الحديث أو المراد مردة الشياطين كما في هذا اللفظ.وكذلك جزم به أبو حاتم بن حيان وغيره من أهل العلم، فليس في ذلك إعدام الشر بل قلة الشر لضعفهم )
قال :وقد أجرى الإمام أحمد هذا على ظاهره ،قال عبد الله بن الإمام أحمد :قلت: لأبى قد نرى المجنون يصرع في شهر رمضان ؟ قال :هكذا جاء الحديث ولا تكلم في ذلك
قال :فإن أصل أحمد أن لا يتأول عن الأحاديث إلا ما تأوله السلف ،وما لم يتأوله السلف لا يتأوله ))
قلت :إن ما قاله الإمام أحمد ردا على قول ابنه (نرى المجنون يصرع في شهر رمضان )هكذا جاء الحديث يحتاج إلى توضيح حيث أن صرع المجنون في رمضان لا يناقض الحديث بل يوافقه ويسير معه حيث ذكر الحديث أن الذي يصفد هم المردة من الجن والشياطين وليس كل الجن والشياطين أي أن المردة يصفدوا أما الضعفاء فيظلوا في حرية تامة وهذا يترتب عليه قلة الشر وليس انعدامه .