المس بين الطب والدين5

الفصل العشرون:ما هي أوقات دخول الجن والشيطان في بدن الإنسان؟
والجن لا يستطيع دخول بدن الإنسان في كل وقت متى شاء بل إنه يترصد له ويراقبه حتى يقع في لحظة من لحظات الضعف فيدخل فيه ،وهذه الأوقات أو الحالات هي :-
1)الغضب الشديد.
روى أبو بكر القرشي بسنده إلى ابن عمر رضي الله عنه قال : لقي إبليس موسى فقال :يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالته وكلمك تكليماً وأنا من خلق الله فأذنبت وأنا أريد أن أتوب فاشفع لي عند ربك –عز وجل – أن يتوب على .فدعا موسى ربه فقيل :يا موسى قد قُضِيَت حاجتك .فلقي موسى إبليس فقال :قد أمرت أن تسجد لقبر آدم ويتاب عليك ،فاستكبر وغضب وقال : لم أسجد له حياً ءأسجد له ميتاً ؟!
ثم قال إبليس :يا موسى إن لك حقاً بما شفعت إلى ربك فاذكرني عند ثلاث ولا أهلك فيهن ،اذكرني حين تغضب فإن وحيي في قلبك وعيني في عينيك ،وأجري منك مجرى الدم ،واذكرني حين تلقى الزحف –أي الجهاد – فإني آتي ابن آدم حين يلقى الزحف فأذكره ولده وأهله حتى يولي ،وإياك أن تجالس امرأة ليست بذات محرم فإني رسولها إليك ورسولك إليها . (الوقاية وحيد عبد السلام بالي صـ 118)

2)الخوف الشديد.
الخوف الشديد الذي ينسى صاحبه ذكر الله وهناك نوعان من الخوف (الخوف الجبلي، الخوف من الله )فالخوف الجبلي هو الخوف الطبيعي الذي هو من طبيعة البشر كأن يرى الإنسان أسدا أو يرى ثعبانا فإنه من الطبيعي أن يخاف من تلك الأشياء .
وقد أوضح الله عز وجل هذا النوع في القرآن قال تعالى حاكيا عن موسى عليه السلام والسحرة : {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى *قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى *فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى } (طه 65:67)
فالخوف الطبيعي في النفس البشرية ولكن لو اجتمع الخوف الجبلي مع ارتباط العبد بربه وذكره فلا يضره هذا الخوف.
وأما إن نزعت الطاعة من العبد ونسى ذكر الله فإن الشيطان يزيده تخويفا إلى خوفه قال تعالى : {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران :175)
فإذا أصاب الإنسان الخوف الشديد وكان في غفلة عن طاعة الله ولم يذكر اسم الله في هذه اللحظات فإنه يكون من السهل جدا أن تتلبس به الشياطين في لحظة الخوف.

3)الغفلة الشديدة.
1- قال تعالى: } وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه/124}
2- وقال تعالى: } وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {الحشر/19}
3- وقال تعالى: {الزخرف/35} وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ {الزخرف/36}

4) الحزن الشديد.

الحزن الشديد الذي ينسى صاحبه ذكر الله فإن كثيرا من الناس حينما يصاب أحدهم بأي نوع من أنواع المصائب ينتابه حالة من الحزن الشديد حتى يصل الأمر ببعض هؤلاء أنهم ينسوا أن هذه المصيبة أو البلاء قد وقع بقدر الله بل إن كثيرا منهم يصل به الأمر أن يعترض على قضاء الله كأن يقول بعضهم مخاطبا له (ليه عملت كده يارب ) أو يقول : (هو أنا عملت ايه علشان تعمل فيه كده ) أو يقول : (هو ما فيش غيري إلى تعمل فيه كده )إلى آخر تلك العبارات الضالة .

5) الانكباب على الشهوات.
نشوة المعصية التي تنسي صاحبها ذكر الله ،ومثال على ذلك كثيراً من أفراحنا اليوم التي غالبا ما تكن مليئة بالمعاصي والذنوب من اختلاط النساء والرجال ورقص النساء ،أمام الرجال والغناء المحرم والموسيقى ،هذه العوامل كلها تساعد على تلبس الشيطان بالإنسان ،لأنه يكون في فرحة لا يذكر فيها الله لأنه يكون في ذلك اللحظات منهمكا في تلك المعاصي ، فأمثال هؤلاء الناس من السهل جدا أن تتلبس بهم الشياطين في هذه اللحظات .

6)الفرح الشديد
وهذا الوقت وهو الفرح الشديد قد ذكره بعض المعالجين في كتبهم والأكثر لم يذكره، ولكن لا يستبعد هذا العنصر حيث انه قد كثر الفساد في أفراحنا.

الفصل الواحد و العشرون: أسباب مس الشيطان للإنسان

وبعد استقراء كم كبير من الحالات تبين أن الجن يمس الإنسان لأسباب معينة يمكن حصرها في( ستة أسباب) وهي على التفصيل الآتي:-
1) النوع الأول: مس العداوة :
وهذا النوع لا يكون إلا من شياطين الجن وهو أن يصيب الشيطان الإنسان بالمس بعداوته له وهذه العداوة قد وضحناها من قبل فالشيطان يتمنى إهلاك الإنسان بكل وسيلة للعداوة المتأصلة بينه وبين آدم عليه السلام منذ أن خلقه الله ،وذلك أن الشيطان يظن أن آدم قد أخذ منه الخلافة في الأرض ،لذا إذا وجد أي فرصة من أوقات المس السابقة الذكر فإنه يتلبس بالإنسان،
أهم الأعراض التي تنتج عنه :
1- الشعور بضيق الصدر خاصة بالليل.
2- حب الوحدة ( الانطواء والعزلة )
3- كثرة النسيان.
4- الخمول والكسل.
5- الخوف بصورة غير طبيعية .
6- الشعور ببغض من حوله وكثرة الشكوك فيهم .
7- كثرة الصداع (بشرط ألا يكون له سبب طبي).
8- الأرق عند النوم .
9- أحلام مفزعة.

2) النوع الثاني: مس الانتقام:
وهو أن يظلم إنسي جنيا دون أن يعلم كأن يرمى بماء ساخن في مكان فيه جن فيؤذى هذا الماء الجن فينتقم الجن من الإنس ويصيبه بالمس أو أن يسقط على أحدهم من مكان مرتفع فيقتله أو يؤذيه .
يقول شيخ الإسلام م ابن تيمية عن مس الجن للإنس : (وقد يكون وهو كثير أو الأكثر عن بغض ومجازاة مثل أن يؤذيهم بعض الإنس أو يظنوا أنهم يتعمدوا أذاهم إما ببول على بعضهم وإما بصب ماء حار وإما بقتل بعضهم وإن كان الإنس لا يعرف ذلك و في الجن جهل وظلم فيعاقبونه بأكثر مما يستحقه )

أهم الأعراض التي تنتج عنه :
1- أحيانا إصابة الإنسان بشلل في أي عضو من أعضاء الجسد أو العمى أو مرض شديد في أنحاء جسده أو جزء منه (بشرط ألا يكون له سبب طبي ) أي تكون كل الفحوصات الطبية من تحاليل وأشعات ومناظير الخ تؤكد عدم وجود سبب طبي .
2- إغماء متكرر (بشرط ألا يكون له سبب طبي )
3- صداع شديد (بشرط ألا يكون له سبب طبي )
4- أحيانا يحاول خنق نفسه.
5- أحيانا يحاول إلقاء نفسه من مكان عال.
6- أحيانا يشاهد كوابيس وأحلام مفزعة .
7- أحيانا يشاهد أحلام بها قتلى وحرقى ودم .

3) النوع الثالث: مس العشق:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (وصرعهم للإنس قد يكون عن شهوة وهوى وعشق كما يتفق للإنس مع الإنس )
وأكثر أسباب الإصابة بهذا النوع يرجع إلى الأفعال التي يفعلها الشباب من الجنسين التي تثير الشهوة عن الجن ، مثل ما تفعله الكثير من الفتيات في هذه الأيام خصوصا في سن المراهقة حينما تقف أمام المرآة شبه عارية تستعرض مفاتنها بأوضاع مختلفة فإذا مر أحد الجن في هذه اللحظة فإنه يشتهيها كما يشتهى الإنس بعضهم بعضا ويتلبس بها أو أن شابا يفعل مثل هذه الأفعال خصوصا الذين يقومون بفعل (العادة السرية ) فإنه من الممكن جدا أن تتلبس بهم الشياطين بسبب هذه الأفعال.
أهم الأعراض التي تنتج عنه :
1-كثرة الاحتلام في المنام (حلم المعاشرة الزوجية )
2-يشعر المصاب بأن إنسانا ينام بجواره خاصة في لحظة دخوله في النوم.
3-يشعر بنفس إنسان بجواره على الفراش .
4-عدم الرغبة في الزواج .
5-تبلد الإحساس الغريزي في اليقظة تجاه الجنس الآخر .
6-إذا كان متزوجا يشعر بضيق من الطرف الآخر خاصة في الأوقات العاطفية.
7- عدم الرغبة في المعاشرة الزوجية وإذا تم فإنه يتم عن غير رغبة داخلية.
8- إذا تم معاشرة زوجية فإنه يصاحبها ضيق نفسي وبعدها يصاب بإعياء وتعب شديد.
9- وقد يشم أحد الزوجين من الآخر رائحة كريهة عند اللقاء والمعاشرة الزوجية بينهم.
10 - عزوف الرجل أو المرأة عن الزواج لأسباب غير واضحة.

4) النوع الرابع: مس الظلم أو الافتراء:-
وهو أن يتلبس الجني بالإنسي ظلما منه دون سبب كما يحدث بين بعض الإنس أن يظلم بعضهم بعضا دون سبب ، ولكن في هذا النوع يستغل الشيطان الظروف التي بها الإنسان مثل فتاة حزينة علي وفاة أحد ما واشتد هذا الحزن ، حتى أصبح من أوقات المس فهنا نسمي نوع المس (مس الظلم والافتراء).

أهم الأعراض التي تنتج عنه :
1- الشعور بضيق الصدر خاصة بالليل.
2- حب الوحدة ( الانطواء والعزلة ).
3- كثرة النسيان.
4- الخمول والكسل.
5- الخوف بصورة غير طبيعية .
6- الشعور ببغض من حوله وكثرة الشكوك فيهم .
7- كثرة الصداع (بشرط ألا يكون له سبب طبي).
8- الأرق عند النوم .
9- أحلام مفزعة.

5) النوع الخامس: مس الهوى:

وهو أن هناك شياطين من الجن وشياطين من الإنس وهذا معلوم قال تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإنس وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } الأنعام112 وشيطان الإنس سمى بهذا الاسم لأنه ابتعد عن الحق وابتعد عن منهج الله بعد أن علمه وأخذ يدعو للباطل ويحارب الحق ويصد عن سبيل الله وهذا ما يفعله تماما شيطان الجن فإذا رأى شيطان الجن أحد شياطين الإنس فإنه يتلبس به وهذا ما يسمى بمس الهوى لأنه مندمج معه في تفكير واحد وكأن هواهما واحد وغايتهما واحدة وهى إضلال الناس ومثال على ذلك النوع .
من المعروف أن هناك بعض من الناس يزنى لكنه لا يكون شيطانا بل يسمى عاصيا ولكن تخيل لو ذهب إلى بعض أصدقائه وأخبرهم أنه سيذهب ليزنى ،وأخذ يرغبهم في ذلك ويحثهم على الذهاب معه بكل وسيلة فهذا من شياطين الإنس لأنه أصبح يدعو إلى معصية الله وهذا تماما ما يفعله الشيطان فأمثال هؤلاء تتلبس بهم الشياطين وتحركهم كيف شاءت للشر وتساعدهم على التفكير الشيطاني فيندمج التفكير الشيطاني من الجن مع التفكير الشيطاني من الإنس ليصلوا لأسوأ النتائج في إضلال الناس
قال تعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإنس وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } الأنعام112
يقول ابن القيم رحمه الله: ( قلب خال من الإيمان وجميع الخير فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من إلقاء الوساوس إليه لأنه قد اتخذه بيتا ووطنا وتحكم فيه بما يريد وتمكن منه غاية التمكن )
أهم الأعراض التي تنتج عنه :
1-الصدود عن ذكر الله .
2-حب المعصية والشوق إليها وعدم الصبر عنها وحب الدعوة إليها والحث عليها.
3-الفرح بالمعصية والسرور بها .
4-بغض الطاعة والنفور منها وعدم تحملها.
5-بغض الدعوة إلى الله .
6-القدرة الفائقة في الشر والوصول إلى المعصية .
7-العجز على التفكير في الخير .
8-حب مصاحبة العصاة والفجار و الارتياح لهم .
9-بغض مصاحبة الصالحين والنفور منهم.
1 . -كثرة الشك في قدرة الله ووجوده .
11-عدم الارتياح النفسي أبدا إذا خلا بنفسه .
12-الخوف الداخلي الذي لا يعرف سببه .

6) النوع السادس: مس الجلب والتحضير:
يقول الشيخ أسامة العوضى في كتابه "المنهج القرآني" : (وهذا من أخطر الأنواع وأسوئها وأشرسها ومعنى الجلب والتحضير : وهو أن يقع كتاب من كتب السحرة والمشعوذين في يد رجل مسكين والمرء جبل على حب التجربة و الاستكشاف فيأخذه المسكين ويقرأ فيه حتى يصادفه أمر يشد انتباهه أو يقويه أو يستسهله وما يدرى هذا المسكين أن هذا هو طريق السحر وأن السحر كفر فيقرأ فيه مجربا فيحضر له جني وقد لا يشعر به ولا يراه ولا يعرف علامات حضوره والجني لا يعرف معنى العذر بالجهل ولا يعرف معنى الصفح والعفو حتى تقع الطامة الكبرى بأن يتلبسه الشيطان ويأخذه غنيمة ).
قلت: وهذا الأمر تكمن خطورته أنه يتلبس الشيطان في جسم الإنسان، وهو أقرب للكفر، فلذا يتمكن الشيطان من جسده ويترتب عليه هذه الأعراض.
أهم الأعراض التي تنتج عنه :
1-الحزن المفاجئ.
2-التخبط الشديد في الأقوال و الأفعال.
3- عدم الاهتمام بنظافة جسده وملابسه.
4-خروجه من البيت هائما على وجهه يمشي بدون وجهه محددة.
5- إيذاء الشيطان لأهل البيت إما بالسرقة أو إشعال النار أو إطفاء الأنوار.
6- مشاهدة الكوابيس والأحلام المفزعة.